شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ مساء أمس الإثنين وحتى صباح اليوم الثلاثاء، حملة اعتقالات جديدة وواسعة النطاق في مختلف محافظات الضفة الغربية، بما فيها القدس، أسفرت عن اعتقال ما لا يقل عن 40 مواطناً فلسطينياً.
ووفق المعطيات الميدانية؛ فقد تركزت عمليات الاعتقال في الخليل ونابلس وبيت لحم، بينما توزعت بقية الحالات في رام الله وجنين وسلفيت وقلقيلية، وسط اقتحامات متكررة طالت عشرات التجمعات السكانية.
وخلال هذه العمليات؛ نفذت قوات الاحتلال تحقيقات ميدانية واسعة في عدد من البلدات، واحتجزت العديد من الشبان لساعات، في وقت رافقتها انتهاكات جسيمة شملت الاعتداء الجسدي على المعتقلين وعائلاتهم، وتخريب محتويات المنازل، إضافة إلى إطلاق النار المباشر بقصد القتل في بعض المناطق، واستخدام المعتقلين رهائن للضغط على ذويهم.
ووفق مبادئ القانون الدولي الإنساني وقواعد حقوق الإنسان؛ تعكس هذه الحملة المتصاعدة ممارسات تُصنف ضمن الاعتقال التعسفي والعقاب الجماعي، باعتبار أن الاعتقالات لا تُنفذ بناء على إجراءات قضائية سليمة، ولا تراعي الضمانات الأساسية للحق في الحرية والمحاكمة العادلة.
كما أن استخدام القوة المفرطة خلال الاعتقال، وإلحاق الأذى بالممتلكات، يشكل خرقًا واضحًا لمبدأ حماية المدنيين في الأراضي المحتلة، ولحظر المعاملة القاسية واللاإنسانية.
وتشير هذه الإجراءات، في سياقها الأوسع، إلى اعتماد الاحتلال سياسة اعتقال يومية ممنهجة تهدف إلى إضعاف البنى المجتمعية الفلسطينية، والتأثير على الحياة المدنية عبر بث الخوف وفرض بيئة من الضغط المتواصل، وهو ما يعد انتهاكًا صريحًا للأعراف الدولية التي تجرّم استخدام الاحتلال لسلطاته بهدف الإخضاع والسيطرة عبر الوسائل القسرية.
وتواصل سلطات الاحتلال تنفيذ حملات الاعتقال بصورة يومية منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر 2023، حيث بلغت نحو 21 ألف حالة اعتقال في الضفة الغربية وحدها خلال هذه الفترة، وهو رقم غير مسبوق يعكس حجم التصعيد وسياسة استهداف فئات المجتمع كافة، من طلاب وأكاديميين وعمال وأسرى محررين ونشطاء.
ويأتي هذا التصعيد في ظل تزايد الشهادات حول ظروف احتجاز قاسية، تشمل التعذيب والإهمال الطبي والعزل، ما يفاقم المخاطر على حياة المعتقلين وسلامتهم، في تجاهل تام للالتزامات القانونية التي تفرض على قوة الاحتلال ضمان الحد الأدنى من الحقوق الأساسية للمحتجزين.
وتشكل حملة الاعتقالات الأخيرة امتدادًا لمسار طويل من السياسات الممنهجة التي ينتهجها الاحتلال لترسيخ سيطرته عبر القوة، وسط فراغ قانوني متعمد وتحلل من المعايير الإنسانية، ما يؤكد ضرورة تحرك الجهات الدولية المعنية لوقف الانتهاكات المستمرة وضمان حماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

























