صعّد الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، من عمليات الهدم الممنهجة ضد المساكن والمنشآت الفلسطينية، والتي طالت منازل في القدس والضفة الغربية وأراضي الـ48، ما يعكس تصعيداً خطيراً في مسار تهويد الأرض وتفريغها من سكانها الأصليين.
ففي بلدة العيسوية شمال شرق القدس المحتلة؛ أجبر الاحتلال المواطن طاهر درباس على هدم منزله ذاتياً، تحت طائلة الغرامات الباهظة، بحجة البناء دون ترخيص.
ويُعد هذا الأسلوب أحد أشد أشكال العقاب النفسي قسوة، إذ يُجبر المقدسي على أن يهدم بيته بيديه، في انتهاك واضح لحقه في السكن والكرامة الإنسانية، بينما تمتنع بلدية الاحتلال عن منح الفلسطينيين تراخيص بناء، وتخصص الأراضي للتوسع الاستيطاني.
وفي قرية مرج غزال شمال أريحا، هدمت قوات الاحتلال منزلين يعودان للمواطنين نديم ونور أبو جابر، بعد محاصرة المنطقة ومنع الأهالي من الاقتراب.
وكان المنزلان مكوّنين من طابقين وطابق واحد على التوالي، ومساحة كل طابق نحو 150 متراً مربعاً.
وتأتي هذه الحادثة تأتي ضمن حملة هدم واسعة شملت خلال العامين الماضيين أكثر من ألف عملية هدم، أدت إلى تدمير آلاف المساكن والمنشآت الفلسطينية في مختلف مناطق الضفة الغربية بما فيها القدس.
وفي بلدة الكعبية داخل أراضي الـ48، هدمت جرافات الاحتلال منزلين قيد الإنشاء في حيّ رشيد بحجة عدم الترخيص، رغم أن المنازل شُيّدت منذ أكثر من ستين عاماً.
وأحاطت شرطة الاحتلال بموقع الهدم ومنعت الأهالي من الاقتراب، في مشهدٍ يتكرر في عشرات البلدات العربية داخل الخط الأخضر، حيث تهدم المنازل وتُمنع التراخيص بشكل ممنهج، في سياسة تهدف إلى تضييق الحيز العمراني الفلسطيني وإجبار السكان على الرحيل القسري.
كما هدمت قوات الاحتلال غرفة زراعية في بلدة دير بلوط غرب سلفيت تعود للمواطن حمادة عبد الوهاب عبد الله، بحجة البناء في المنطقة المصنفة (ج)، في إطار سياسة حرمان المزارعين من استصلاح أراضيهم وممارسة نشاطهم الزراعي الطبيعي.
وفي قرية الفندق شرق قلقيلية؛ هدمت قوات الاحتلال منزلاً مكوّناً من طابقين للمواطن بشار تيم، تبلغ مساحته نحو 200 متر مربع، بعد اقتحام المنطقة الجنوبية الغربية من القرية.
وتكرر المشهد ذاته في قرية فروش بيت دجن شرق نابلس، حيث هدمت جرافات الاحتلال منزل المواطن إسماعيل صادق إسماعيل بعد طرد العائلة من داخله، رغم أنه مأهول بالسكان. وتشير تقديرات محلية إلى أن نحو 90% من منازل القرية مهددة بالهدم.
وتشكل هذه الانتهاكات المتزامنة خروقات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، إذ تنص المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة على حظر تدمير الممتلكات الخاصة في الأراضي المحتلة إلا لضرورات عسكرية مطلقة، وهو ما لا ينطبق على عمليات الهدم التي ينفذها الاحتلال، كونها تهدف إلى فرض واقع ديمغرافي جديد يضمن سيطرته على الأرض.
كما أن الحق في السكن مصون بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي يوجب على الدول توفير مأوى آمن وكريم لمواطنيها، لا حرمانهم منه بالقوة. وفي الحالة الفلسطينية؛ تتخذ سياسة الهدم طابعاً عقابياً وتمييزياً، تمارس ضد فئة محددة على أساس الهوية القومية، وهو ما يرقى إلى جريمة تمييز عنصري محظورة بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965.
وتتضح من هذا المشهد اليومي معالم سياسة تهجير قسري ممنهجة، تسعى إلى تفريغ الأرض من سكانها الفلسطينيين، سواء في القدس أو الضفة أو داخل أراضي الـ48، مقابل التوسع الاستيطاني اليهودي المتسارع.
وبهذا؛ لا تمثل عمليات الهدم مجرد اعتداء ميداني على الجدران والحجارة، بل انتهاكاً متعمداً للوجود الإنساني الفلسطيني، واعتداءً على أبسط مقومات الحياة والهوية في وطنٍ يتعرض لإعادة تشكيل قسرية على يد قوة احتلال تضرب بالقانون الدولي عرض الحائط.

























