واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملات الاعتقال الواسعة في الضفة الغربية المحتلة، حيث اعتقلت 60 فلسطينياً، بينهم سيدة وأسرى محررون، خلال الساعات الممتدة من مساء الثلاثاء حتى صباح اليوم الأربعاء.
يأتي ذلك بينما تشهد الضفة الغربية منذ أيام حالة من الحصار والإغلاق الشامل، إذ تفرض سلطات الاحتلال قيوداً خانقة على حركة الفلسطينيين، وتغلق معظم المعابر والطرق الحيوية، ما يضاعف من معاناة السكان، ويجعل من كل تحرك مدني فعلياً محفوفاً بخطر الاعتقال أو الاستهداف.
وتنفذ قوات الاحتلال عمليات دهم واعتقال بوتيرة متصاعدة، تستهدف الفلسطينيين في مختلف محافظات الضفة دون تمييز، وتطال منازل المدنيين في ساعات الفجر الأولى، غالباً دون أوامر قضائية أو تهم واضحة، وتشمل احتجاز الأطفال والنساء وتعريض المعتقلين للتحقيق الميداني القاسي، الذي قد يمتد ساعات طويلة في ظروف مهينة.
وارتفع عدد المعتقلين منذ مطلع الأسبوع إلى 160، ما يعكس نهجاً تصعيدياً متعمداً، لا يهدف فقط إلى “الردع الأمني”، بل إلى خنق البيئة الاجتماعية والسياسية الفلسطينية، وكسر إرادة السكان تحت تهديد دائم بالعقاب الجماعي.
ويجيء هذا التصعيد في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الواسع على مخيمات شمال الضفة، وخاصة جنين وطولكرم ومخيم نور شمس، الذي يتعرض منذ يناير الماضي لاقتحامات متكررة، تسفر عن تدمير المنازل والبنى التحتية، وسقوط قتلى وجرحى، وتحويل تلك المناطق إلى ساحة مواجهات دائمة تحت الاحتلال العسكري المباشر.
وتمثل الاعتقالات المكثفة جزءا من منظومة أوسع من سياسات القمع الممنهج، التي تشمل الإعدامات الميدانية، ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل، وتوسيع الاستيطان، في محاولة لتفريغ الأرض من سكانها الأصليين أو إخضاعهم بالقوة المفرطة.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، دخلت سياسات الاحتلال ضد الفلسطينيين مرحلة أكثر دموية، مع بدء حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والتي أوقعت حتى الآن نحو 185 ألف قتيل وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين، ومجاعات قاتلة تهدد حياة الآلاف.
وبالتوازي مع هذا العدوان، صعد الاحتلال والمستوطنون من اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، عبر سياسة القتل والاعتقال والترهيب، ما أدى إلى مقتل 979 فلسطينياً على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد على 17,500 فلسطيني، في سياق حملة ممنهجة تهدف إلى قمع أي شكل من أشكال الصمود الشعبي أو الاحتجاج السلمي.
ومع غياب أي أفق للمساءلة؛ يستمر الاحتلال في إدارة الضفة الغربية كمنطقة خاضعة للسيطرة المطلقة بالقوة، حيث تُختزل حياة الفلسطيني في سجون متنقلة، وحواجز عسكرية، ومخيمات لاجئين تحت الحصار، في مشهد يعكس تواطؤ الصمت الدولي مع منظومة الاحتلال.