أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الخميس، على إعدام شابين بالرصاص الحي بدم بارد من مسافة صفر، في حي جبل أبو ظهير بمدينة جنين.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بمقتل الشاب المنتصر بالله محمود قاسم عبدالله (26 عاما)، والشاب يوسف علي يوسف عصاعصة (37 عاما) برصاص الاحتلال في منطقة جبل أبو ظهير واحتجاز جثمانيهما.
وأظهرت مقاطع فيديو بثتها مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، إطلاق قوات الاحتلال الرصاص على الشابين من مسافة صفر، عقب تفتيشهما عند خروجهما من داخل أحد المخازن التجارية.
وكانت قوات خاصة تابعة لجيش الاحتلال قد اقتحمت الحي وداهمت أحد المنازل، وتبعتها تعزيزات عسكرية إلى الحي الواقع في محيط مخيم جنين.
وحاصرت قوات الاحتلال وقوات خاصة “مستعربون” منزلا وأطلقت الرصاص الحي تجاهه والرصاص الثقيل من الطائرات الحربية، فيما هدمت جرافة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال باب المخزن الرئيسي في المنزل، وأجبرت شابين على الخروج منه، قبل إعدامهما بدم بارد.
وتثير عملية مقتل الشابين في حي جبل أبو ظهير بجنين، جملة خطيرة من المؤشرات التي تتعارض بشكل مباشر مع مبادئ القانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية الخاصة بحماية المدنيين. فإطلاق قوات الاحتلال الرصاص الحي على الشابين من مسافة صفر، بعد تفتيشهما وعدم وجود أي تهديد فعلي، يُعدّ وفق المعايير القانونية استخداماً متعمّداً ومباشراً للقوة القاتلة خارج أي ضرورة عسكرية، وهو ما يرقى إلى إعدام ميداني محظور بشكل واضح في المادة (3) المشتركة من اتفاقيات جنيف التي تحظر القتل العمد للأشخاص الواقعين تحت السيطرة.
كما أن احتجاز جثماني الشابين بعد مقتلهما يمثّل انتهاكاً صارخاً لحق العائلات في معرفة مصير أبنائها وتسلم جثامينهم، وهو سلوك يصنّف ضمن المعاملة القاسية والمهينة المحظورة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويعد شكلاً من أشكال العقوبة الجماعية التي يحظرها القانون الدولي بشكل مطلق.
وتشير عملية اقتحام الحي، وإطلاق الذخيرة الحية والقذائف الجوية في منطقة مأهولة، إلى انتهاك مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين – وهو المبدأ الجوهري في القانون الدولي الإنساني – إذ يُحظر استهداف أو تعريض المدنيين لخطر مباشر أو غير متناسب مع أي هدف عسكري محتمل.
كما يطرح استخدام الجرافة العسكرية لاقتحام المخزن، ثم إجبار الشابين على الخروج قبل مقتلهما، إشكاليات واضحة تتعلق بانتهاك مبدأ التناسب والضرورة العسكرية، حيث يفرض القانون الدولي عدم استخدام القوة المميتة أو تدمير الممتلكات إلا في أضيق الحدود ولأهداف عسكرية مشروعة.
أما وجود قوات خاصة بلباس مدني “مستعربين” خلال العملية، فهو يفاقم المخاطر على السكان ويقوّض مبدأ التمييز الواضح بين المقاتل والمدني، إذ يحظر القانون الدولي انتحال صفة المدنيين أثناء تنفيذ عمليات عسكرية تؤدي لإيقاع الأذى أو القتل، لما يمثله ذلك من خداع محظور يهدد حماية المدنيين ويخلق حالة من الترهيب داخل المجتمع المحلي.
ويأتي ذلك كلّه في ظل صمت دولي لافت إزاء ما يجري في الضفة الغربية من انتهاكات متواصلة على يد قوات الاحتلال، وهو صمت يُنظر إليه كعامل يسمح بتكرار هذه الممارسات بلا محاسبة أو رادع، ما يفاقم معاناة المدنيين، ويُضعف منظومة القيم والالتزامات التي يفترض أن تشكّل أساس النظام الدولي القائم على حماية الإنسان وكرامته.


























