شهدت محافظة جنين شمالي الضفة الغربية، فجر الثلاثاء، جريمة جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، حيث أُعدم ثلاثة فلسطينيين إثر إطلاق نار أعقبه قصف شنّته مروحية للاحتلال قرب بلدة كفر قود، قبل أن تُحتجز جثامينهم.
وفي التفاصيل؛ اقتحمت قوات الاحتلال البلدة بتعزيزات عسكرية، وحاصرت موقعاً في أراضٍ زراعية، قبل أن تطلق الرصاص الحي تجاه ثلاثة شبان، وتستهدف مركبة كانوا يستقلونها بقصف جوي أدى إلى احتراقها بالكامل واندلاع النيران في أشجار الزيتون المجاورة.
وتُعد هذه المرة الأولى منذ تسعة أشهر التي يستخدم فيها الاحتلال الطيران الحربي في قصف بالضفة الغربية.
ويأتي هذا التصعيد في سياق سياسة ميدانية متكررة تتجاوز كل القواعد القانونية الدولية التي تحكم سلوك قوة احتلال تجاه السكان الواقعين تحت سلطتها، إذ تحظر المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 القتل العمد والتدمير الواسع للممتلكات كأفعال ترقى إلى “جرائم حرب”. كما يعتبر احتجاز الجثامين ممارسةً تمثل عقوبة جماعية وانتهاكاً صارخاً لكرامة الموتى ولحقوق عائلاتهم في معرفة مصير ذويهم وتسلم رفاتهم.
وتأتي هذه العملية في ظل اتساع رقعة الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ مطلع العام، إذ تشهد مناطق جنين وطولكرم ونور شمس عمليات عسكرية متواصلة أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين، وتهجير مئات العائلات، وتدمير واسع للبنية التحتية.
ووفق المعطيات الميدانية؛ فقد تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في الضفة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من ألف قتيل، إلى جانب ما يفوق 10 آلاف جريح و20 ألف معتقل، بينهم أطفال ونساء.
ويعزز هذا النهج الممنهج في استهداف الفلسطينيين، سواء عبر الإعدامات الميدانية أو القصف الجوي، صورة الاحتلال كقوة لا تلتزم بأي من المعايير القانونية الدولية التي تنظم سلوك الدول في النزاعات المسلحة، ويؤكد أن ما يجري في الضفة ليس مجرد “حملة أمنية”، بل تصعيد منظم يهدف إلى تكريس واقع السيطرة بالقوة، وإخضاع السكان عبر الإرهاب العسكري المباشر.
إن استمرار هذه السياسات دون محاسبة حقيقية، يهدد بنسف ما تبقى من منظومة الحماية الدولية لحقوق الإنسان، ويجعل من الضفة الغربية، كما غزة من قبلها، ساحة مفتوحة لانتهاكات جسيمة تتطلب تحركاً عاجلاً لتطبيق قواعد المساءلة الدولية على مرتكبيها، ومنع تحول الاحتلال إلى نموذج للإفلات التام من العقاب.
























