في جريمة جديدة من سلسلة استهداف الصحافيين والمدنيين العزل ضمن حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكتوبر 2023؛ قُتلت الصحافية الفلسطينية ولاء الجعبري، الأربعاء، مع عدد من أطفالها، جراء قصف جوي نفذته طائرات الاحتلال الإسرائيلي استهدف منزل عائلة الطبيب حسن الشاعر في حي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة،
وأدى القصف إلى مقتل ولاء الجعبري وجنينها، إلى جانب سبعة أفراد آخرين من العائلة، بينهم عدد من أطفالها. وجاء الاستهداف بينما كان المنزل يؤوي نازحين وأفراداً من عائلة الطبيب الشاعر، الذي لم يكن موجوداً في المكان وقت الغارة.
وكانت ولاء الجعبري من الأصوات الإعلامية النشطة التي واصلت نقل معاناة سكان القطاع تحت الحصار والقصف، رغم ظروف النزوح والتجويع.
وعملت الجعبري في عدة وسائل إعلام محلية، بينها إذاعة “الرأي” التابعة للحكومة في غزة، وكتبت تقارير ومداخلات على صفحتها الشخصية في “فيسبوك” سلطت فيها الضوء على الوضع المعيشي الكارثي في ظل التجويع المتعمّد والدمار الشامل.
ويأتي مقتل الجعبري في سياق سياسة ممنهجة ينتهجها الاحتلال لاستهداف الصحافيين الفلسطينيين، سواء بالاغتيال المباشر أو بقصف منازلهم، في مسعى واضح لإسكات الأصوات التي توثق جرائم الحرب والإبادة في غزة.
وكان المصور الصحافي تامر الزعانين قد قُتل برصاص جنود الاحتلال قبل أيام، أثناء تغطيته لعملية اختطاف الطبيب مروان الهمص في خانيونس.
وبمقتل الجعبري والزعانين؛ ارتفع عدد الصحافيين القتلى في غزة إلى 231 منذ بدء الحرب، في واحدة من أكثر الفصول دموية بحق الجسم الصحافي في التاريخ الحديث.
وتواصل سلطات الاحتلال منذ أكثر من تسعة أشهر تنفيذ جرائم ممنهجة ضد المدنيين الفلسطينيين، تشمل القتل الجماعي، والتجويع، واستهداف الطواقم الطبية والإنسانية والإعلامية، وتدمير البنية التحتية، ومنع المساعدات، وتهجير السكان قسرياً.
ولا تقتصر جريمة الاحتلال على حجم القتل والتدمير، بل تتعداها إلى جريمة الصمت التي تمارسها كثير من الأنظمة والمؤسسات، والتي تُسهم في ترسيخ واقع الإفلات من العقاب، ما يشجع على استمرار هذه الجرائم، وفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات بحق المدنيين، بمن فيهم الصحافيون.
ولم يكن قتل ولاء الجعبري وأطفالها حادثاً معزولاً، بل حلقة أخرى في سلسلة من الاستهدافات التي تطال من يتحدثون أو ينقلون ما يجري داخل غزة، جنباً إلى جنب مع سياسة التجويع الجماعي التي أزهقت أرواح عشرات الأطفال، ومنعت آلاف المرضى والمصابين من العلاج بسبب إغلاق المعابر.
إن مقتل صحافية كانت تكتب عن الجوع، بقصف استهدفها مع جنينها وأطفالها، هو تجسيد عميق للواقع الوحشي الذي يفرضه الاحتلال، وإعلان واضح أن من يسكنون غزة ليسوا فقط هدفاً للقصف، بل للسكوت والطمس والنسيان.