في تطور دموي جديد يعكس حجم التصعيد في عنف الاحتلال بالضفة الغربية؛ ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين خلال أقل من ساعة إلى اثنين، بعد مقتل الفتى محمد رسلان محمود أسمر (18 عاماً) من بلدة بيت ريما، متأثراً بإصابته الخطيرة برصاص قوات الاحتلال قرب قرية أم صفا شمال غرب رام الله، واحتجاز جثمانه.
ووفق شهادات ميدانية؛ أطلقت قوات الاحتلال النار على الفتى قرب أم صفا، وأصابته إصابة حرجة، ثم منعت طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من الاقتراب منه أو تقديم الإسعاف الأولي، تاركة إياه ينزف حتى فارق الحياة. وبعد التأكد من مقتله؛ أقدمت تلك القوات على احتجاز جثمانه ونقله إلى جهة مجهولة.
وجاء هذا القتل بعد ساعات قليلة من مقتل الفتى مهند طارق محمد الزغير (17 عاماً) صباح اليوم برصاص قوات الاحتلال قرب منطقة أبو دعجان في مدينة الخليل، قبل أن تقوم باحتجاز جثمانه أيضاً.
وباحتجاز الجثمانين الجديدين؛ يرتفع عدد جثامين الفلسطينيين المحتجزة لدى الاحتلال إلى 761 جثماناً، بينهم 74 طفلاً، و89 أسيراً، و10 نساء، في واحد من أكثر الملفات إثارة للغضب والصدمة الإنسانية، لما يحمله من عقاب ممتد بعد الموت، يمسّ العائلات وحقها الطبيعي في وداع أبنائها ودفنهم وفق الشعائر.
وتشكّل هذه الحوادث المتكررة سلسلة من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، بدءاً من استخدام الرصاص الحي ضد مدنيين عُزّل، وصولاً إلى منع الإسعاف، وهي ممارسة محظورة صراحة في اتفاقيات جنيف التي تفرض على القوة القائمة بالاحتلال واجب حماية الجرحى وضمان وصول الطواقم الطبية إليهم دون عرقلة.
أما احتجاز الجثامين فهو انتهاك صارخ آخر، إذ يعدّ شكلاً من أشكال المعاملة القاسية والمهينة، ويضرب حق العائلات في الكرامة ووداع أبنائها، ويحوّل الجثمان إلى أداة ضغط ومساومة سياسية، في ممارسة تتعارض مع أبسط المبادئ الأخلاقية والإنسانية قبل أن تتعارض مع القانون.
كما يندرج إطلاق النار على فتيين، أحدهما 17 والآخر 18 عاماً، في إطار الاستخدام المفرط للقوة ضد قاصرين، وهو ما يُعدّ من أخطر الانتهاكات، ويعكس استهتاراً تاماً بحقهم في الحياة.
ويشكل تكرار قتل الفتية ومنع إسعافهم واحتجاز جثامينهم سياسة تتكرّر بشكل شبه يومي، ما يعكس غياب أي محاسبة وترك قوات الاحتلال تتصرف بحرية مطلقة خارج أي رقابة قانونية أو أخلاقية.
وتشير الأرقام المتزايدة لعدد الجثامين المحتجزة إلى أن الاحتلال يتعامل مع الموتى بالمنطق ذاته الذي يعامل به الأحياء، والمتمثل في العقاب والترهيب والإذلال الممنهج، في انتهاك مباشر لحق الفلسطينيين في الحياة والكرامة والعدالة.


























