في حلقة جديدة من حلقات الإبادة الجماعية المستمرة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ أكثر من 6 أشهر، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقل عن 32 فلسطينياً خلال الساعات الماضية، بينهم أفراد عائلتين أُبيدتا بالكامل في قصف استهدف خياماً تؤوي نازحين في مناطق متفرقة من القطاع.
ووفق بيانات صادرة عن الدفاع المدني ومصادر طبية في غزة؛ تركزت الهجمات على مناطق النزوح في خان يونس ورفح وجباليا وبيت لاهيا، ما أسفر عن دمار واسع، وحرائق في خيام المدنيين، وسقوط ضحايا معظمهم نساء وأطفال.
وأفاد الدفاع المدني بأن طائرات الاحتلال استهدفت خياماً للنازحين في نهاية شارع الإسطبل بمنطقة المواصي غرب خان يونس، ما أسفر عن مقتل أكثر من 15 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال، بينما اشتعلت النيران في الخيام، وأحرقت الجثث والمصابين.
وفي جباليا شمال القطاع؛ ارتكبت طائرة مسيّرة مجزرة أخرى بقصف خيمة تضم عائلة كاملة، هي عائلة “عسلية”، ما أدى إلى مقتل الزوج والزوجة وأطفالهما الخمسة. كما قُتلت عائلة محمد العطل (أبو أنس) بالكامل بعد قصف خيمتهم في بيت لاهيا.
ولم يقتصر العدوان على الخيام والمنازل، بل شمل أيضاً عمليات نسف لمبانٍ سكنية شمالي رفح، وقصفاً مدفعياً استهدف المناطق الشرقية في غزة، تحديداً حيي الزيتون والشجاعية.
كما أطلقت زوارق حربية نيرانها على سواحل غزة والنصيرات، في وقت قصفت فيه الطائرات المسيرة تجمعاً للمدنيين شرق مخيم النصيرات، ما أدى إلى مقتل فلسطيني وإصابة آخرين.
وقالت مصادر محلية إن القصف يتم بشكل عشوائي وكثيف، دون أي تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، في انتهاك صريح لمبادئ التناسب والتمييز التي نصت عليها اتفاقيات جنيف.
ومنذ استئناف الاحتلال لعملياته في 18 مارس/آذار الماضي، قُتل 1652 فلسطينياً وجُرح 4391 آخرون، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة في غزة. وبلغ عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكثر من 167 ألف قتيل وجريح، في حين تجاوز عدد المفقودين 11 ألفاً، لا يُعرف مصيرهم تحت الأنقاض أو في المناطق المحاصرة.
ورغم ضخامة هذه الأرقام؛ والمشاهد المروعة التي توثقها فرق الإغاثة والصحفيون الميدانيون، لا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن اتخاذ إجراءات فعالة لوقف الحرب، أو محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
وإلى جانب المجازر المتواصلة؛ يعيش سكان القطاع كارثة إنسانية خانقة نتيجة الحصار الكامل الذي يفرضه الاحتلال منذ 18 عاماً، وتفاقم منذ مارس الماضي بإغلاق كافة المعابر ومنع إدخال الغذاء والماء والدواء، ما أدى إلى دخول القطاع مرحلة المجاعة.
ويعيش نحو 1.5 مليون فلسطيني بلا مأوى، بعد تدمير بيوتهم أو تهجيرهم منها بالقوة. وتعمل سياسات الاحتلال على تفريغ القطاع من سكانه الأصليين، في مسار يُعيد للأذهان نكبة 1948، ولكن بأدوات أكثر وحشية، وبغطاء دولي يُغض الطرف عن أكبر مأساة إنسانية يشهدها العالم المعاصر.
إن ما يجري في غزة لا يمكن فصله عن غطاء سياسي وعسكري توفره الولايات المتحدة للاحتلال، من خلال الدعم الكامل في المحافل الدولية، وتزويده بالسلاح والغطاء الدبلوماسي. فيما تتحمل منظمات الأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤولية الصمت والتقاعس عن وقف جريمة مستمرة لا تتوقف إلا لتستأنف من جديد على أجساد الأطفال والنساء.
وفي ظل هذا الواقع، تبقى غزة شاهداً حياً على فشل النظام الدولي في حماية المدنيين، وعلى عجز العالم عن كبح جماح الاحتلال الذي يمعن في القتل والتدمير بلا محاسبة أو ردع.