في تصريح حديث؛ وصفت المقررة الأممية الخاصة بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية بأنها “إجرامية”، محذرة من أن نية الإبادة الجماعية واضحة في الطريقة التي يستهدف بها الاحتلال الفلسطينيين وأراضيهم وممتلكاتهم.
وقالت ألبانيز، عبر حسابها على منصة “إكس”، إن الاحتلال لم يعد يكتفي باستهداف غزة، بل وسّع عملياته التدميرية إلى جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يعكس استهدافاً منهجياً للشعب الفلسطيني بأسره.
وأكدت أنها سبق أن حذرت الجمعية العامة للأمم المتحدة من هذا النهج، مشددة على أن الوقت قد تأخر بالفعل للتدخل الدولي من أجل وقف هذه الجرائم.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه التحذيرات الأممية والحقوقية؛ تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية بوتيرة غير مسبوقة في الضفة الغربية، حيث أسفر العدوان العسكري الأخير عن سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى، إلى جانب تدمير أحياء سكنية بالكامل، وفرض حصار خانق على مدن وبلدات عدة.
وتشير التقارير إلى أن عدد القتلى في الضفة الغربية منذ بداية العام بلغ 70 قتيلاً، بينهم 10 أطفال وامرأة ومسنان، وهو رقم يعكس حجم العنف المنهجي الذي تمارسه قوات الاحتلال.
وفي جنين؛ يستمر العدوان الإسرائيلي للأسبوع الثاني على التوالي، وقد بلغت ذروتها أمس الأحد عندما فجّرت قوات الاحتلال بشكل متزامن 20 بناية سكنية في الجهة الشرقية من المخيم، ما تسبب في نزوح آلاف الفلسطينيين، وتضرر مستشفى جنين الحكومي نتيجة الضغط الانفجاري.
وعلى الرغم من الاستهداف المباشر للمنشآت المدنية؛ لم تتخذ الجهات الدولية أي إجراءات حقيقية لوقف هذه المجازر.
أما في طولكرم؛ فقد تحولت المدينة ومخيمها إلى ساحة مواجهة مفتوحة، حيث تحاصر قوات الاحتلال المستشفيات وتمنع الطواقم الطبية من الوصول إلى الجرحى، وسط عمليات قنص مكثفة تستهدف المدنيين داخل منازلهم.
كما أقدمت قوات الاحتلال على اقتحام مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، واحتجاز الطواقم الطبية، ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني الذي يكفل حماية العاملين في المجال الطبي.
وفي طوباس؛ فرض الاحتلال حصاراً خانقاً على مخيم الفارعة وبلدة طمون، وأجبر عشرات العائلات على النزوح، بعد أن دمّر البنية التحتية وقطع إمدادات المياه والاتصالات.
وتتكرر هذه الانتهاكات في كل منطقة تصلها قوات الاحتلال، حيث يبدو واضحاً أن الهدف هو تغيير التركيبة السكانية عبر التهجير القسري، وفرض واقع جديد يخدم خطط الضم والتوسع الاستيطاني.
ويتجاوز ما يجري في الضفة الغربية كونه مجرد عمليات عسكرية، ليصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وفق التعريفات التي نصّ عليها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. فاستهداف المدنيين، والتدمير العشوائي للبنية التحتية، وفرض العقوبات الجماعية، كلها ممارسات تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، وهو ما يستوجب تحركاً دولياً عاجلاً لوضع حد لهذه الانتهاكات.
وفي ظل هذه التطورات؛ تبدو الحاجة ملحة لتفعيل آليات المحاسبة الدولية، وفرض عقوبات على الاحتلال لوقف هذه الجرائم المتصاعدة. فالصمت الدولي لم يعد مجرد موقف سلبي، بل أصبح عاملاً مشجعاً لاستمرار الاحتلال في تنفيذ سياساته القائمة على التطهير العرقي والقمع الممنهج للشعب الفلسطيني.