تُعد حرية الصحافة ركيزة أساسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث يلعب الصحفيون دوراً حيوياً في توثيق الحقائق وكشف الانتهاكات خلال النزاعات المسلحة.
وبموجب القانون الدولي الإنساني، وتحديداً البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 (المادة 79)، يتمتع الصحفيون بحماية كمدنيين أثناء أداء مهامهم المهنية في مناطق النزاع، ويُحظر استهدافهم عمداً.
ومع ذلك؛ ما زال الصحفيون الفلسطينيون يواجهون هجمات متعمدة وممنهجة ضمن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تهدف إلى إسكاتهم وطمس الحقيقة، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة قد أعلن أمس السبت عن ارتفاع حصيلة القتلى من الصحفيين إلى 252 منذ 7 أكتوبر 2023، وذلك عقب مقتل الصحفي محمد الداية، الذي يعمل في المركز الفلسطيني للإعلام، جراء قصف من قبل قوات الاحتلال استهدف خيمة نزوح في مدينة دير البلح وسط القطاع.
وأفاد شهود عيان بأن القصف أدى إلى مقتل الداية داخل الخيمة، في سياق حملة عسكرية مستمرة تستهدف المدنيين والإعلاميين على حد سواء.
ويأتي هذا الارتفاع في حصيلة القتلى من الصحفيين ضمن سياق إبادة جماعية واسعة النطاق ترتكبها قوات الاحتلال في غزة، بدعم أمريكي، منذ 7 أكتوبر 2023، أسفرت عن مقتل 66,005، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى 168,162 مصاباً، ومجاعة أودت بحياة 442 فلسطينياً، منهم 147 طفلاً.
وتعكس هذه الأرقام نمطاً من الانتهاكات الجماعية التي تندرج تحت تعريف الإبادة الجماعية وفقاً لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، والتي تشمل قتل أعضاء جماعة معينة، أو إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بهم، أو فرض ظروف معيشية تهدف إلى تدميرهم جسدياً.
ويُعد استهداف الصحفيين انتهاكاً مباشراً للقانون الدولي الإنساني، حيث تحظر اتفاقيات جنيف مهاجمة المدنيين، وتؤكد أن الصحفيين غير المعتمدين كمراسلين حربيين يتمتعون بحماية كاملة كمدنيين، شريطة عدم مشاركتهم في العمليات العسكرية.
كما أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2673 (XXV) لعام 1970 يدعو إلى حماية الصحفيين في مناطق النزاع، معتبراً أي اعتداء عليهم جريمة ضد القانون الدولي.
ومع ذلك؛ يستمر الاحتلال في تجاهل هذه الالتزامات، مما يعزز الادعاءات بأن قتل الصحفيين جزء من استراتيجية لإخفاء الإبادة الجماعية المرتكبة في قطاع غزة.
ويتطلب هذا الوضع تدخلاً دولياً فورياً لفرض عقوبات على الاحتلال، وفتح تحقيقات مستقلة في جرائم الحرب، وضمان حماية الصحفيين كجزء أساسي من مكافحة الإبادة الجماعية.