تتواصل في قطاع غزة مشاهد القتل الجماعي التي يفرضها الاحتلال منذ ما يقارب العامين، وسط دمار شامل لمقومات الحياة الأساسية، واستهداف متكرر للبنية التحتية المدنية والصحية، في مشهد يرقى إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان وفق القانون الدولي.
فمنذ فجر اليوم الاثنين وحتى لحظة نشر هذا الخبر؛ ارتفع عدد قتلى الاحتلال في غزة إلى 29 شخصا، بينهم 25 من مدينة غزة، نتيجة القصف وإطلاق النار المستمرين.
وأفادت مصادر طبية بأن مستشفيي الرنتيسي للأطفال والعيون خرجا عن الخدمة بالكامل بعد استهداف محيطهما، في وقت سبق أن تعرض مستشفى الرنتيسي لقصف مباشر ألحق به أضرارا جسيمة.
ويُعد المستشفى مركزا وحيدا يقدم خدمات طبية لا تتوافر في أي مؤسسة أخرى بالقطاع، في حين يشكّل مستشفى العيون المؤسسة العامة الوحيدة المتخصصة في طب العيون بمحافظة غزة.
ويعكس هذا التدمير الممنهج للمنشآت الطبية سياسة واضحة لإفراغ القطاع من خدماته الصحية الأساسية، ما يفاقم معاناة الجرحى والمرضى الذين يواجهون صعوبة بالغة في الوصول إلى المستشفى الميداني الأردني أو مستشفى القدس بسبب القصف المتواصل وغياب الطرق الآمنة.
وفي ظل هذه الظروف؛ يصبح الوصول إلى العلاج حقا مستحيلا، وهو ما يشكل انتهاكا مباشرا للحق في الحياة والصحة المنصوص عليهما في المواثيق الدولية، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
من جهتها؛ أعلنت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة حرب الإبادة المتواصلة منذ 7 أكتوبر 2023 بلغت 65,344 قتيلا و166,795 مصابا، مع الإشارة إلى أن أعدادا من الضحايا ما زالوا عالقين تحت الركام أو في الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم نتيجة الاستهداف المستمر. وفي الساعات الـ24 الماضية فقط، سُجل وصول 61 قتيلا و220 إصابة جديدة إلى المستشفيات.
كما أظهرت البيانات أن حصيلة القتلى منذ 18 مارس 2025 حتى اليوم بلغت 12,785 شخصا، إلى جانب 54,754 إصابة.
أما ما يُعرف بضحايا “لقمة العيش” جراء استهداف المساعدات الإنسانية، فقد ارتفع عددهم إلى 2,523 قتيلا وأكثر من 18,496 إصابة، رغم أن الساعات الأخيرة لم تشهد سقوط قتلى في هذا السياق.
وحذرت الأمم المتحدة مرارا من أن قطاع غزة يواجه “كارثة إنسانية غير مسبوقة”، لكن استمرار الاحتلال في توجيه ضرباته ضد المستشفيات والمدنيين، يضع العالم أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية لوقف هذه الإبادة الجماعية. فالجرائم الموثقة من قتل متعمد للمدنيين، وحرمانهم من الرعاية الطبية، وتدمير البنية التحتية الصحية، تندرج جميعها ضمن المحظورات الواردة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، وهو ما يتطلب تحركا عاجلا لضمان حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة.