يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جرائم مروعة بحق المدنيين في قطاع غزة، في سياق حرب إبادة جماعية مستمرة منذ ما يزيد على 21 شهراً، وسط انهيار تام في الحماية الإنسانية، وصمت دولي فاضح.
ومنذ ساعات الفجر؛ قُتل 62 فلسطينياً، بينهم 19 من المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية قرب مركز توزيع يقع على محور نتساريم وسط القطاع.
ويكشف الهجوم المباشر على تجمع يائس من الجوعى والمحتاجين يكشف عن نية متعمدة في معاقبة السكان على مجرد سعيهم للبقاء، في جريمة تعكس حجم الوحشية والانفلات من كل القيود الأخلاقية والقانونية.
وفي واحدة من أعنف الهجمات خلال الساعات الأخيرة، شن الاحتلال قصفاً مركزاً على منازل في “المخيم الجديد” شمال النصيرات، أسفر عن مقتل 30 مدنياً، بينهم 14 امرأة و12 طفلاً.
وتحدث شهود عيان عن مشاهد مرعبة لجثث متفحمة وممزقة، بينها جنين انتُشل من أحشاء والدته بفعل الانفجار، في صورة تختصر مدى الاستهتار المطلق بالحياة الإنسانية.
وفي مدينة غزة، قتل الاحتلال رجلاً وزوجته، وأصاب آخرين في قصف استهدف شقة سكنية قرب دوار حيدر، ضمن سياسة ممنهجة في تدمير المساكن فوق رؤوس ساكنيها.
كما واصل خلال الليل تفجير المنازل في شرق غزة وخان يونس، ضمن نهج واضح يهدف إلى إفراغ القطاع من سكانه وتحطيم نسيجه الاجتماعي والعمراني.
ويشكل ما يجري في غزة نمطا ممنهجا من الإبادة الجماعية، يتجلى في قتل جماعي، وتدمير واسع، وتجويع قسري، وتهجير منظم.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تسببت هذه الحرب في مقتل وإصابة أكثر من 205 آلاف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود، وآلاف الجياع الذين لفظوا أنفاسهم الأخيرة تحت الحصار، فيما يُدفع بمئات الآلاف إلى حياة النزوح القسري.
ورغم صدور أوامر واضحة من محكمة العدل الدولية بوقف هذه الحرب، يواصل الاحتلال تجاهل القانون الدولي، مستنداً إلى دعم سياسي وعسكري غير مشروط من الولايات المتحدة.
إن ما يحدث في غزة لم يعد مجرد صراع، بل جريمة شاملة ضد الإنسانية، تتطلب موقفاً دولياً أخلاقياً وقانونياً عاجلاً، ليس فقط لوقف المجازر، بل لمحاسبة المسؤولين عنها.