في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة؛ برزت المجاعة كأحد أبرز أوجه المعاناة التي تطحن حياة المدنيين، لا سيما الأطفال، وسط حصار خانق وحرمان ممنهج من المساعدات الإنسانية الأساسية.
ومنذ مارس/آذار الماضي، شدّد الاحتلال حصاره على القطاع، في أعقاب خرقه لاتفاق وقف إطلاق النار، ما أدى إلى منع دخول أي مساعدات إنسانية عبر المعابر، ومن ضمنها الشحنات المخصصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)
ووفق “الأونروا” تظهر المؤشرات الميدانية ارتفاعاً حاداً في حالات سوء التغذية، وخاصة بين الأطفال، بالتوازي مع انهيار النظام الصحي ومنع دخول الغذاء والدواء.
وأجبرت القيود الصارمة المفروضة على الإمدادات الطبية ومنع دخول المواد الغذائية، الطواقم الطبية المتبقية على إعطاء الأولوية للحالات الأشد خطورة، في ظل نقص حاد في الأدوية وأجهزة الفحص والعلاج.
وتحوّلت أقسام الطوارئ والعيادات إلى نقاط إغاثة أولية بالكاد قادرة على استقبال الأعداد المتزايدة من المرضى المصابين بالجوع، والذين تظهر على كثيرين منهم أعراض الهزال الحاد، وفقر الدم، ونقص النمو، لا سيما في صفوف الأطفال الرضّع.
وفي هذا السياق؛ يعاني النظام الصحي في غزة من انهيار شبه تام، نتيجة الاستهداف الممنهج من قبل قوات الاحتلال للمستشفيات والمراكز الطبية، إلى جانب النقص الكارثي في الوقود الذي تسبّب في تعطيل ما تبقى من مولدات الكهرباء في المنشآت الصحية.
ويستخدم الاحتلال الإسرائيلي المجاعة التي تتسع رقعتها في قطاع غزة، كأداة رئيسية لتجويع المدنيين وكسر إرادتهم، في انتهاك فج لكل القوانين الدولية التي تحظر استخدام التجويع كسلاح ضد السكان، وتلزم أطراف النزاع بضمان الإغاثة الإنسانية دون قيود.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الاحتلال حرب إبادة شاملة ضد سكان غزة، امتدت لتشمل كل مقومات الحياة، كالقتل الجماعي والتجويع والتهجير القسري وتدمير المنازل، وقصف المنشآت الصحية والمدنية.
وقد أسفرت هذه الحرب حتى الآن عن نحو 195 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود ومئات الآلاف من النازحين.
وفي ظل غياب أي تحرك فعال من المجتمع الدولي؛ يستمر الاحتلال في استخدام الحصار والتجويع لتدمير الوجود الفلسطيني في غزة، وسط صمت عالمي يرقى إلى مستوى التواطؤ، إن لم يكن المشاركة غير المباشرة في واحدة من أكثر الجرائم الجماعية وضوحاً في تاريخ النزاعات الحديثة.