تتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، إذ شنت قوات الاحتلال، منذ مساء الثلاثاء وحتى صباح الأربعاء، حملة اعتقالات واسعة طالت ما لا يقل عن 45 مواطناً من مختلف المحافظات، بينهم طفل وأسرى محررون.
وترافقت الحملة مع اقتحامات عنيفة، وتحقيقات ميدانية، وعمليات تنكيل طالت المعتقلين وأسرهم في مشهد يتكرر يومياً، ليؤكد الطابع الممنهج لهذه السياسة القمعية.
وتركزت الحملة الأخيرة في محافظة الخليل التي شهدت وحدها اعتقال نحو 30 مواطناً، في حين توزعت بقية الاعتقالات على نابلس ورام الله وقلقيلية وطولكرم.
وشملت العمليات اقتحام عشرات المنازل، وتخريب محتوياتها، واعتداءات جسدية ولفظية بحق السكان، فضلاً عن عمليات تحقيق ميداني فوري في محيط المنازل والطرق العامة، ما يعكس استمرار الاحتلال في توظيف الاعتقال كأداة للترهيب والسيطرة الجماعية.
وتشكل هذه الحملات جزءاً من نظام اعتقال تعسفي موسع ينتهجه الاحتلال في الأراضي الفلسطينية منذ عقود، في انتهاك واضح لقواعد القانون الدولي الإنساني، وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على قوة الاحتلال اعتقال المدنيين تعسفاً أو نقلهم من أراضيهم المحتلة.
كما تتعارض انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اللذين يضمنان لكل إنسان الحق في الحرية والأمان الشخصي وعدم التعرض للاعتقال التعسفي أو التعذيب.
وتشير الوقائع الميدانية إلى أن عمليات الاعتقال لم تعد تستهدف ناشطين سياسيين أو مقاومين فحسب، بل طالت كافة فئات المجتمع الفلسطيني: طلاباً وأكاديميين ونساءً وأطفالاً وحتى كبار السن. كما يعتمد الاحتلال أسلوب التحقيق الميداني في الشوارع والمنازل كوسيلة إذلال، وغالباً ما يترافق مع ضرب وإهانة واحتجاز مؤقت دون مذكرات قضائية، ما يجعلها جريمة تمس الكرامة الإنسانية بشكل مباشر.
ويستخدم الاحتلال الاعتقالات كوسيلة انتقام جماعي عقب كل حدث سياسي أو أمني، بحيث تتحول القرى والمخيمات الفلسطينية إلى ساحات اقتحام ليلي، يعقبها تدمير وترويع للسكان. وغالباً ما يتعرض المعتقلون خلال نقلهم إلى مراكز التحقيق إلى سوء معاملة وتعذيب نفسي وجسدي، في ظل غياب أي رقابة قضائية حقيقية.
وتؤكد حملة الاعتقالات الأخيرة أن الاحتلال ماضٍ في نهجه القائم على الترويع والاعتقال كأداة سياسية لإخضاع الفلسطينيين في الضفة الغربية، دون اكتراث بالقانون الدولي أو بالقيم الإنسانية.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن “تهدئة” و”استقرار”، يتواصل في الميدان قمع صامت يطال الإنسان الفلسطيني في بيته وشارعه ومدرسته، دون مساءلة دولية جدّية، ما يعني تكريس واقع من الاستعمار القسري يتنافى مع أبسط مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.