تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، عدوانها على محافظة طوباس شماليّ الضفة الغربية المحتلّة لليوم الثاني على التوالي، وسط انتشار عسكري كثيف وفرض حظر تجوّل شامل، وإغلاق كامل لمداخل المحافظة والمناطق المجاورة لها.
وبدأت العملية منذ صباح الأربعاء باقتحام واسع تشارك فيه قوات كبيرة من جيش الاحتلال، وتخللت الساعات الأولى إطلاق نار عشوائي من مروحيات عسكرية، في مشهد يعكس تصعيدًا خطيرًا في استخدام القوة العسكرية داخل المناطق السكنية المكتظة.
وتحلق طائرات الاستطلاع المسيّرة بكثافة في أجواء المدينة والبلدات المحيطة بها، وسط استمرار إغلاق الطرق الرئيسية والفرعية عبر السواتر الترابية ونقاط التفتيش.
وتشهد المحافظة انتهاكات واسعة النطاق بحق الممتلكات المدنية، حيث أقدمت قوات الاحتلال على تكسير محتويات منازل فلسطينيين خلال عمليات المداهمة، إضافة إلى تخريب شبكات المياه في مناطق شرقي بلدة طمون، مما أدى إلى انقطاع الإمدادات عن عشرات المنازل.
ووفق إفادات ميدانية؛ اعتقلت القوات عشرات المواطنين خلال اقتحام المنازل، واقتادتهم إلى مراكز تحقيق ميدانية في ظروف قاسية، قبل أن تفرج عن عدد منهم وهم مكبّلو الأيدي.
وتجاوز عدد المعتقلين 100 محتجز فلسطيني، نصفهم تقريبًا من بلدة طمون، حيث أفرجت القوات عن 27 شخصًا مساء الأربعاء، بينما بقي آخرون مكبلين حتى لحظة وصولهم إلى بيوتهم.
وشهدت عمليات الاقتحام اعتداءات مباشرة على السكان، بما فيهم كبار السن، ترافقها عمليات إذلال وتنكيل أثناء التفتيش والاحتجاز.
من جهتها؛ أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنها تعاملت منذ بدء العدوان مع 25 إصابة نتيجة اعتداء جنود الاحتلال على المدنيين بالضرب، من بينهم رجل يبلغ من العمر 85 عامًا. وتم نقل خمس إصابات إلى المستشفى، بينما قُدمت الإسعافات الميدانية للبقية وسط صعوبات كبيرة في الوصول لبعض المناطق بسبب الإغلاق العسكري.
ويتزامن عدوان طوباس مع تصعيد مستمر في الضفة الغربية منذ أكثر من عامين، اتسم بازدياد عمليات الاقتحام والاغتيال والاعتقال، واستخدام القوة النارية داخل المناطق المدنية، وهي ممارسات تتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر استهداف المدنيين أو تعريض ممتلكاتهم للدمار غير المبرر.
كما يتعارض فرض الحصار على مدينة كاملة، وإغلاق طرقها، ومنع حركة السكان، مع مبادئ التناسب والضرورة العسكرية التي يُفترض أن تقيّد عمليات القوات القائمة بالاحتلال.
وبحسب البيانات الفلسطينية الرسمية؛ أسفر تصعيد الاحتلال منذ بدء الحرب على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن مقتل أكثر من 1083 فلسطينيًا في الضفة الغربية، وإصابة نحو 11 ألفًا، واعتقال أكثر من 20 ألفًا و500 شخص، في مؤشر على توسّع نمط العقوبات الجماعية والانتهاكات الممنهجة.
ويشكّل العدوان المتواصل على طوباس حلقة جديدة من التصعيد العسكري الذي تعيشه الضفة الغربية، ويؤكد اتساع دائرة الانتهاكات بحق المدنيين وممتلكاتهم، في ظل غياب أي أفق لوقف الممارسات التي تُعدّ، وفق قواعد القانون الدولي، انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية وتهديدًا لحياة السكان وسلامتهم.



























