في حلقة جديدة من فصول المأساة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، توفيت الرضيعة رهف أبو جزر (8 أشهر) الخميس، في مدينة خان يونس جنوب القطاع، نتيجة موجة البرد القارس التي تضرب المنطقة منذ أيام.
وأفادت مصادر طبية بأن الطفلة وصلت إلى المستشفى وقد فارقت الحياة، بعدما عجز جسدها الصغير عن احتمال الظروف الجوية القاسية في ظل غياب أي وسائل للتدفئة أو الحماية.
وتمثل هذه الحادثة دليلا صارخا على انهيار الحد الأدنى من مقومات الحياة في قطاع يخضع لحصار خانق ويشهد أكبر كارثة إنسانية في تاريخه الحديث. فالعائلات النازحة تعيش منذ شهور في خيام مهترئة لا تقي مطراً ولا برداً، بينما ينعدم الوقود ووسائل التدفئة، وتتراجع قدرات المرافق الطبية إلى أدنى مستوياتها.
وتشكل وفاة الرضيعة رهف نتيجة مباشرة لانعدام الحماية الواجبة للمدنيين، في ظل ظروف قسرية تمنع حصولهم على التدفئة والمأوى والغذاء والرعاية الطبية. فالقانون الإنساني الدولي ينص على وجوب ضمان حماية الأطفال باعتبارهم الفئة الأكثر ضعفاً، ويحظر تعريضهم لأي ظروف قد تمسّ حقهم في الحياة أو الصحة.
لكن الواقع في غزة يعكس فشلًا منهجيًا في توفير هذه الضمانات، حيث يُترك المدنيون لمواجهة برد الشتاء بلا مأوى، وبلا كهرباء، وبلا مياه صالحة للشرب، وبلا منظومة صحية قادرة على التعامل مع أبسط الحالات الطارئة.
وتوضح الشهادات الميدانية أن آلاف العائلات تعيش في أماكن لجوء تفتقر إلى أبسط معايير السلامة، حيث تتسرب مياه الأمطار إلى داخل الخيام، وتغرق الشوارع في المخيمات المؤقتة، ما يزيد من مخاطر الأمراض وتعريض الأطفال تحديداً لموجات البرد القاتلة.
وتحذّر جهات إغاثية من أن تزامن الازدحام الشديد مع تدهور النظافة وغياب الرعاية الصحية يؤدي إلى ارتفاع فرص الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، والالتهابات الحادة، والأوبئة الموسمية التي قد تتحوّل إلى تهديد واسع للحياة، خصوصاً بين الرضّع وكبار السن.
وفي هذا السياق؛ أكدت وكالة غوث اللاجئين “الأونروا” أن الأمطار الغزيرة تزيد من تفاقم الكارثة، مشيرة إلى أن الشوارع الموحلة وتسرب المياه للبيوت المؤقتة يضاعفان معاناة النازحين، وأن البرد والاكتظاظ يرفعان خطر انتشار الأمراض بشكل كبير.
وأشارت “الأونروا” إلى أن هذه المعاناة يمكن تفاديها بالكامل متى سمح بتدفّق المساعدات الإنسانية دون قيود، بما يشمل توفير مواد الإيواء المناسبة، والوقود، والمستلزمات الطبية، وهو ما يشكّل واجباً قانونياً وأخلاقياً على المجتمع الدولي لضمان عدم تكرار هذه المآسي.



























