توفي رضيع فلسطيني يبلغ من العمر شهرًا واحدًا، الخميس، نتيجة الانخفاض الشديد في درجات الحرارة في قطاع غزة، في واقعة تسلط الضوء مجددًا على الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها السكان، ولا سيما الأطفال حديثو الولادة، في ظل غياب المأوى ووسائل التدفئة.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن الرضيع سعيد أسعد عابدين فارق الحياة متأثرًا بالبرد القارس، لترتفع حصيلة الوفيات التي وصلت إلى المستشفيات بسبب المنخفض الجوي والظروف الجوية القاسية إلى 13 حالة.
وأفادت مصادر طبية بأن الطفل نُقل إلى المستشفى في حالة حرجة، وحاول الأطباء إنعاشه، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل بسبب الانخفاض الحاد في درجة حرارة جسده.
وتأتي هذه الوفاة في سياق تحذيرات متكررة من مخاطر تهدد حياة آلاف الأطفال الرضع الذين يعيشون داخل خيام مؤقتة، خصوصًا في المناطق الساحلية، حيث تتعرض الخيام لرياح قوية ورطوبة عالية وانخفاض شديد في درجات الحرارة، في ظل انعدام شبه كامل لوسائل التدفئة والاحتياجات الأساسية للحماية من البرد.
وتثير هذه الحوادث أسئلة جوهرية حول مسؤولية الاحتلال عن حماية السكان المدنيين الواقعين تحت سيطرته الفعلية. فالقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقيات جنيف، يفرض التزامًا واضحًا بضمان الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة للمدنيين، وتأمين احتياجاتهم الأساسية، بما يشمل المأوى والرعاية الصحية والحماية من الأخطار المتوقعة، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة مثل الأطفال والمرضى وكبار السن.
كما أن منع أو عرقلة إدخال مواد الإيواء ووسائل التدفئة، أو الإخلال بتنفيذ الترتيبات الإنسانية المعلنة، يرقى إلى إخفاق جسيم في واجب الحماية، ويحوّل الظروف الطبيعية كالبرد والأمطار إلى أدوات تهديد مباشر للحياة. وفي حالة الأطفال الرضع؛ فإن التعرض لانخفاض حرارة الجسم لا يُعد خطرًا عرضيًا، بل نتيجة متوقعة لظروف معيشية قسرية فُرضت على عائلات فقدت منازلها ومصادر أمانها.
ويعيش مئات الآلاف من النازحين في قطاع غزة أوضاعًا بالغة القسوة بعد تدمير منازلهم ونزوحهم القسري، وسط نقص حاد في الأغطية والملابس الشتوية ووسائل التدفئة، وتدهور واسع في الخدمات الصحية والبنية التحتية. ومع دخول فصل الشتاء، تتضاعف المخاطر على حياة الأطفال، في ظل غياب حلول مستدامة أو تدخلات عاجلة وفعالة.
وتزداد حدة هذه الأزمة في ظل تنصل الاحتلال من الالتزامات الإنسانية التي أُعلن عنها ضمن ترتيبات وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بما في ذلك إدخال مواد الإيواء والخيام والبيوت المتنقلة، وهو ما ترك عشرات الآلاف من العائلات عرضة مباشرة للبرد والأمطار.
وتأتي هذه التطورات على خلفية حرب الإبادة التي شنها الاحتلال على قطاع غزة منذ 8 أكتوبر 2023 واستمرت عامين، وأسفرت عن أكثر من 70 ألف قتيل وما يزيد على 171 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى دمار واسع طال نحو 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.
وفي هذا السياق؛ لا يمكن فصل وفيات الأطفال بسبب البرد عن مجمل السياسات التي أدت إلى انهيار منظومات الحماية والرعاية، وجعلت أبسط الحقوق، وفي مقدمتها الحق في الحياة، عرضة للانتهاك اليومي.


























