في أحدث الإحصاءات الصادمة التي تكشف حجم الكارثة التي لحقت بالقطاع التعليمي في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي أن 18,243 طالباً قُتلوا، وأُصيب 31,643 آخرون منذ بدء عدوان الاحتلال في 7 أكتوبر 2023 على قطاع غزة والضفة الغربية.
ووفق بيان صدر اليوم الثلاثاء؛ فإن غالبية الضحايا من الطلبة سقطوا في قطاع غزة، حيث تجاوز عدد القتلى 17,175، إلى جانب أكثر من 26,264 مصاباً.
أما في الضفة الغربية، فبلغ عدد الطلبة القتلى 140، والمصابين 927، إضافة إلى اعتقال 768 آخرين، في حملات اقتحام واعتقال متواصلة تستهدف المدارس والجامعات ومحيطها.
كما قُتل 928 من المعلمين والإداريين في كل من غزة والضفة الغربية، فيما أُصيب 4,452 آخرون بجروح متفاوتة، وتم اعتقال أكثر من 199 منهم، ما يُفاقم من الأثر المدمر على النظام التعليمي والبنية المجتمعية برمتها.
وعلى صعيد البنية التحتية؛ تعرّضت 252 مدرسة حكومية في قطاع غزة لأضرار جسيمة، بينها أكثر من 118 دُمّرت كلياً بفعل القصف، فيما طالت الاعتداءات 91 مدرسة حكومية، و91 مدرسة أخرى تابعة لوكالة “الأونروا”، إلى جانب تدمير 60 مبنى جامعياً بشكل كامل.
وفي الضفة الغربية، تم اقتحام وتخريب 152 مدرسة و8 جامعات وكليات، بما يشمل تدمير أسوار عدد من المدارس في جنين وطولكرم وسلفيت وطوباس.
ووفق البيان؛ أُجبرت مدرسة بدو الكعابنة في أريحا على إخلاء مبانيها بفعل اعتداءات الاحتلال، ما يُعد شكلاً من أشكال التهجير القسري الذي تحرّمه اتفاقيات جنيف، لا سيما عندما يستهدف فئات محمية كالأطفال والمدنيين.
وفي تطور خطير؛ أشارت الوزارة إلى أن 25 مدرسة أُزيلت بالكامل من السجل التعليمي، بما يعني أنها لم تعد موجودة ككيانات تعليمية، لا طلاباً ولا مباني، في سابقة تعكس فداحة الاستهداف الذي لم يترك للأطفال حقهم في التعليم أو الحياة.
ولا يمكن فصل ما يتعرض له قطاع التعليم الفلسطيني، لا سيما في غزة، عن السياق الأوسع لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال، والتي تستهدف المدنيين بكل فئاتهم، عبر التدمير المنهجي للمؤسسات التعليمية والصحية، وقتل الأطر التربوية، وتهجير الطلبة، وتحويل المدارس إلى ملاجئ أو ساحات قتال.
ولا يُعد الهجوم على المدارس ضرراً جانبياً في العمليات العسكرية، بل يبدو أنه توجه ممنهج يهدف إلى تفكيك بنية المجتمع الفلسطيني المستقبلية، عبر القضاء على أجياله الصاعدة، وحرمانه من أدوات النهوض وإعادة الإعمار، وهو ما يُعد جريمة مركبة، تتقاطع فيها الإبادة الجماعية مع جريمة الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من خلال استهداف أماكن يفترض أنها آمنة، ويمنع القانون الدولي المساس بها.
يُذكّر هذا الدمار الهائل بأن التعليم، رغم طابعه المدني والسلمي، لا يزال يقع في مرمى النيران، ويُستخدم كساحة للهيمنة والعقاب الجماعي، في مشهد يعكس التناقض التام مع الالتزامات القانونية التي تحظر استهداف المدنيين والمنشآت التعليمية حتى في زمن الحرب.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي، يصبح الدفاع عن الحق في التعليم ليس مجرد مطلب اجتماعي أو تربوي، بل موقف أخلاقي وإنساني في وجه محاولة طمس هوية شعب وتجريده من مستقبله.