يسير قطاع غزة المُنهك صحيا واقتصاديا، جرّاء الحصار الإسرائيلي المفروض منذ نحو 14 عاما، نحو مصير كارثي، في حال استمر منحنى الإصابات بفيروس كورونا بـ”الارتفاع”، كما تؤكد منظمات صحية محلية ودولية.
وبحسب وزارة الصحة في غزة؛ فقد سجل القطاع منذ مارس/ آذار الماضي، وحتى صباح الأربعاء، 21461 إصابة بالفيروس، بينهم 111 حالة وفاة.
ومنذ بداية موسم الشتاء؛ تدرّج تسجيل الإصابات يوميا من عشرات إلى مئات، وهو ما يُعتبر، وفق منظمات صحية، مؤشر يُنذر بخطر الوقوع بكارثة حقيقية.
ووفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ تراوح نسبة الإصابة بين إجمالي المسحات (عينات الفحوصات) ما بين 23-29 بالمئة.
ويأتي ارتفاع هذه النسبة، بسبب الطبيعة الجغرافية الضيّقة للقطاع المُحاصر، التي تضمّ بين حدودها كثافة سكانية مرتفعة، تُقدّر وفق تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني صدر نهاية 2019، بنحو 5 آلاف و453 فرد لكل كيلو متر مربع.
وكان مركز الميزان لحقوق الإنسان (غير حكومي) قد أعلن الأحد، أن نسبة الحالات الخطيرة، بين إجمالي الإصابات بكورونا، بلغت نحو 20 بالمئة.
ويقطن قطاع غزة ما يزيد عن مليوني فلسطيني، يعانون من أوضاع اقتصادية ومعيشية متردية للغاية؛ جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 2007.
وأنهك الحصار الإسرائيلي القطاع الصحي، الذي يعاني، وفق وزارة الصحة، من نقص “حاد” في الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يقوّض من فرص مواجهة خطر تفشّي الفيروس بشكل أكبر.
من جهتها؛ قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، إن زيادة أعداد الإصابات اليومية بالقطاع تنذر بـ”الخطر”.
وأضافت سهير زقوت، المتحدثة باسم اللجنة، إن ما يثير القلق حيال ذلك هو نسبة الإصابة بين العينات والتي تتراوح ما بين 23-29 بالمئة، موضحة أن تلك النسبة مرتفعة مقارنة بأعداد السكان، ما ينذر بالخطر الحقيقي.
وبينت أن “هشاشة النظام الصحي بغزة، والنقص في المواد الأساسية من الأدوية والمستلزمات الطبية، التي تُعِين المستشفيات على الاستجابة لهذا التفشي، يزيد من حدّة الخطر”.
وأضافت زقوت أنه “في غزة 100 سرير عناية مركزة، في المراكز التي خصصتها وزارة الصحة، لعلاج المرضى بالفيروس، نحو 79 سرير منها بات مشغولا، بالمرضى الذين يحتاجون للعناية الفائقة”، محذرة من عدم “قدرة غزة على الصمود طويلا في حال استمرت الزيادة في الإصابات، على ذات الوتيرة، خلال الفترة القادمة”.
وأشارت إلى أن فكرة التباعد الاجتماعي في غزة تبدو صعبة للغاية، مرجعة ذلك إلى الكثافة السكانية العالية في القطاع.
وأوضحت أن “الالتزام بالبقاء بالمنزل يبدو هو الآخر صعب بالنسبة للسكان، بسبب حالة الفقر الشديد، خاصة وأن الآلاف منهم يعملون بشكل يوميّ، ما يشي بأن عدم خروجهم من المنزل للعمل يعني عدم توفير الطعام لأطفالهم”.
وأشارت زقوت إلى أن عدم وجود “شبكة أمان اجتماعي للسكان، يقوّض من قدرتهم على مواجهة الجائحة، وعدم الخروج من المنزل”، مبينة “بحاجة إلى دعم دولي عاجل للقطاع الصحي، وللقطاع الاجتماعي لتمكينهم من مواجهة أفضل للجائحة”.
من جانبه؛ قال يوسف العقّاد، مدير المستشفى الأوروبي (حكومي مخصص لعلاج إصابات كورونا)، إن زيادة أعداد المصابين بالفيروس، ينذر بالخطر الشديد.
وأضاف أن السعة السريرية داخل المستشفى أوشكت على الامتلاء، وخلال فترة قصيرة لن يكون هناك متسع فيها للمزيد من الإصابات، مبيناً أن إجمالي عدد المصابين في المستشفى بلغ نحو 254 مريضا، منهم 90 في العناية المركزة وعلى أسرّة المبيت، بحاجة لدعم أكسجين، و60 حالة متوسطة، بينهم أصحاب الأمراض المزمنة.
وأوضح أن جميع الإصابات داخل المستشفى بحاجة إلى “متابعة ورعاية صحية دائمة”، لافتا إلى أن خمسة أطباء من داخل المستشفى، من العاملين في معالجة ورعاية المصابين، انتقلت إليهم العدوى.
وبيّن أن “الأطباء المصابون من فئة الشباب، ثلاثة منهم تعافوا وخرجوا من المستشفى، بينما يعاني الاثنان الآخران من وضع صحي صعب”، لافتا إلى أن “فئة الشباب باتت تعاني من أعراض صحية قوية، جرّاء الإصابة بالفيروس”، محذرا من أن المستشفى الأوروبي قد لا يتمكن خلال الفترة القادمة، من استيعاب المزيد من الإصابات.
وأشار الطبيب العقاد إلى أن وزارة الصحة فتحت قسما داخل كل مستشفى لاستقبال “الحالات المتوسطة، من المصابين بالفيروس”، فيما يتم تحويل الحالات الصعبة لـ”الأوروبي”.
ولفت إلى أن القطاع الصحي بغزة يعاني من نقص في كميات الأكسجين الناتجة عن محطات التوليد.
وقال إن عدد محطات توليد الأكسجين التي تضخ بشكل مباشر لأقسام العناية المركزة في المستشفى، يبلغ 5 فقط، موضحا أنها بالكاد تكفي تلبية احتياجات المصابين بحالة الخطر، محذراً من خطورة نقص الأكسجين في المرحلة المقبلة، وداعياً إلى إدخال المزيد من محطات توليده.
وحذرت منظمة الصحة العالمية مؤخراً من انهيار المنظومة الصحية في غزة بعد التصاعد المتسارع للإصابات بفيروس كورونا.
وأشارت إلى أن ارتفاع معدل الإصابات بغزة، يفوق قدرة المنظومة الصحية، التي باتت بحاجة للدعم الخارجي، كي تتمكن من تقديم الخدمات.