يواجه سكان قطاع غزة كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم بسبب الحصار وحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي عليهم، وتنعكس بشكل مأساوي على الفئات الأضعف، خصوصًا الأطفال الرضع، الذين يدفعون الثمن الأكبر نتيجة للبرد الشديد وانعدام المقومات الأساسية للحياة.
وفي هذا السياق؛ أعلنت مصادر طبية في قطاع غزة، الأحد، عن وفاة الرضيع جمعة البطران، الذي يبلغ من العمر شهرًا واحدًا، نتيجة البرد القارس الذي يفتك بسكان القطاع المحاصرين.
ويعاني الرضيع علي، توأم الفقيد جمعة، من تدهور حاد في حالته الصحية للسبب ذاته، وهما ضحيتان جديدتان لمعاناة تتفاقم بسبب انعدام الأمن الغذائي والرعاية الصحية.
وترفع هذه الحادثة عدد وفيات الأطفال بسبب البرد خلال أقل من أسبوع إلى خمسة، جميعهم حديثو الولادة، بسبب نقص التدفئة وانعدام الغذاء اللازم للأمهات المرضعات، ما أدى إلى ظهور حالات مرضية بينهم.
وتعود هذه الوفيات إلى الظروف المأساوية التي يعيشها سكان قطاع غزة، خاصة في المناطق التي تضم النازحين واللاجئين في مخيمات وخيام غير مهيأة لمواجهة البرد.
وفي ظل الحصار المستمر منذ أكثر من 450 يومًا؛ يعاني قطاع غزة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث تفرض قوات الاحتلال قيودًا خانقة على دخول الوقود والمساعدات الأساسية، وتواصل استهداف المدنيين العزل بمئات الغارات الجوية والقصف المدفعي.
وفي شمال غزة؛ حذرت منظمة الصحة العالمية من أن حياة 75 ألف فلسطيني محاصرين في مناطق جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا مهددة بالخطر المباشر.
ويأتي ذلك في أعقاب قصف مستشفى كمال عدوان، الذي كان آخر مرفق صحي رئيسي يخدم المنطقة، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة بالكامل. كما استهدفت قوات الاحتلال المدفعي الطابق العلوي في المستشفى المعمداني شرق غزة، في تصعيد واضح لجرائمها ضد المرافق الإنسانية.
ويمثل استمرار الحصار والانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة، لا سيما الأطفال والمرضى، جريمة حرب تستوجب تحقيقًا دوليًا عاجلًا ومساءلة قانونية.
ويفرض الوضع الإنساني الكارثي في القطاع على المجتمع الدولي التحرك الفوري لحماية السكان المدنيين وتوفير ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية، إذ إن الصمت العالمي على هذه الانتهاكات يعد تواطؤًا ضمنيًا يتعارض مع كل المبادئ الأساسية للإنسانية والعدالة.