خلال فترة عمل هذا التقرير، في الفترة منذ الأول من يوليو/تموز 2017 وحتى آخر سبتمبر/أيلول 2017 استمر عداء السلطات المصرية للمنظمات الحقوقية سواء تلك الموجودة في مصر بمصادرتها وإغلاقها حينا، وباعتقال ومصادرة أموال القائمين عليها حينا آخر، وكذلك المنظمات غير المصرية التي أصدرت تقارير أو بيانات بشأن توصيف ومتابعة حالة حقوق الإنسان في مصر حيث عمل الإعلام المصري التابع للسلطات على شيطنتها.
بحسب عملية الرصد لحالات القتل خارج إطار القانون فقد بلغ عدد القتلى خلال فترة رصد هذا التقرير 56 شخصا، في مختلف المحافظات المصرية عدا سيناء، حيث قضى 34 محتجزاً داخل مقار الاحتجاز المصرية المختلفة، بينهم 3 محتجزين قتلوا جراء التعذيب على أيدي بعض أفراد الأمن داخل مقار احتجازهم، و27 محتجزاً توفوا نتيجة للإهمال الطبي المتعمد في ظل ظروف وأوضاع احتجاز سيئة وغير آدمية، بالإضافة إلى 4 محتجزين توفوا بسبب الفساد المتفشي في إدارات مقار الاحتجاز.
كما تم توثيق مقتل21 مواطناً بالتصفية الجسدية المباشرة عن طريق الأجهزة الأمنية أثناء عمليات القبض عليهم حيث كانوا مطلوبين على خلفية قضايا متعلقة بمعارضة السلطات.
وخلال الربع الثالث من العام 2017 بلغ عدد من تعرضوا التعسفي على خلفية اتهامهم بقضايا معارضة السلطات – 801 شخصاً، بينهم 19 قاصراً، تعرض معظم هؤلاء المعتقلون للاختفاء القسري لمدة تزيد عن 24 ساعة على الأقل، بينما استمر تعريض بعضهم للاختفاء القسري حتى الآن، وقد تلقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا شكاوى حول تعرض 309 شخصاً على الأقل للاختفاء القسري خلال ذات الفترة.
لم تقف الاعتقالات التعسفية التي قامت بها أجهزة الأمن المصرية عند صفوف المعارضين وحسب، بل تخطتها وقامت بشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف طلاب جامعيين من تركستان الشرقية (الأويغوريين)، والمتواجدين بمصر بغرض الدراسة في جامعة الأزهر، والذين قُدرت أعدادهم بنحو 80 طالباً، ومن ثم قامت القوات باقتيادهم إلى مقار احتجاز مجهولة لمدة يومين تقريباً، دون تمكينهم من التواصل مع المحامين أو عرضهم على أي جهة قضائية أو إخطارهم بسبب اعتقالهم، قبل أن يتم الإفصاح عن مكانهم، وجاءت تلك الاعتقالات بعد مرور أقل من شهر على زيارة نائب وزير الأمن الصيني للقاهرة، والذي طالب خلالها السلطات المصرية بتسليم الطلاب الأويغور للصين.
ووفق عملية رصد كمي لجلسات محاكمات المعتقلين على خلفية القضايا المتعلقة بمعارضة السلطات في الربع الثالث من العام 2017، تبين صدور أحكاما قضائية في 74 قضية معارضة للسلطات أمام دوائر جنح وجنايات مدنية وعسكرية، حيث تم الحكم في 69 قضية مدنية، بينما تم الحكم في 5 قضايا عسكرية.
وبلغ عدد الأشخاص الذين شملتهم تلك المحاكمات 1998 شخصاً، منهم 19 قاصراً، وقد تم تبرئة 628 من هؤلاء المحكومين، أي 31.4 % من إجمالي عددهم الكلي، منهم 18 تم تبرئتهم من قضايا عسكرية، بينما حُكم على 1370 بأحكام إدانة مختلفة، أي بنسبة 68.6 %، منهم 131 حوكموا بأحكام إدانة مختلفة أمام دوائر عسكرية.
من بين أحكام الإدانة تلك حُكم بالسجن المؤبد على 419 شخصاً، وتم الحكم بالسجن المشدد أكثر من 5 سنوات على 501 شخصاً، بينما تم الحكم بالسجن من 3 سنوات وحتى 5 سنوات على 348 شخصاً، وصدرت أحكاماً بالحبس من شهر وحتى أقل من 3 سنوات في حق 28 شخصاً، بالإضافة إلى التصديق على الحكم بإعدام 74 شخصاً.
خلال فترة الرصد وإثر عمليات الجيش الأمنية في سيناء بلغ عدد القتلى من المدنيين 191، منهم 173 شخصا قال الجيش انهم قتلوا نتيجة مواجهات أمنية، والبقية قتلوا بصورة عشوائية بحسب بيانات رسمية صادرة عن الجيش المصري، أما عدد المعتقلين في سيناء أثناء فترة الرصد، فقد بلغ 88 شخصاً، منهم 30 أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية أنهم مطلوبون أمنياً، بينما اعتقل 58 شخصاً بدعوى الاشتباه.
لم تسلم الممتلكات الخاصة بأهل سيناء من منازل ومزارع وعربات ودراجات بخارية من التدمير والتخريب دون فتح تحقيق واحد في تلك العمليات، ودون تعويض للمتضررين، حيث تم الإعلان عن حرق 154 دراجة بخارية و107 عربة خلال فترة رصد التقرير، كما تم الإعلان عن حرق وتدمير مئات العشش الخاصة بأهالي محافظة سيناء، حيث بلغ عدد العشش التي تم حرقها وتدميرها خلال فترة عمل هذا التقرير 158 عشة، هذا بالإضافة إلى تجريف 12 مزرعة.
من خلال واقع رصد انتهاكات السلطات المصرية لحقوق الإنسان خلال فترة عمل التقرير في الربع الثالث من العام الحالي فإن حالة الانحدار التي تعاني منها منظومة حقوق الإنسان في مصر مازالت على ذات النسق دون أي تحسن يذكر مما يدعو المجتمع الدولي للتحلي بالقدر اللازم من المسؤولية الأخلاقية أمام هذا الكم المفزع من الانتهاكات واستمرار النظام المصري على ذات النهج القمعي والإهدار الكامل لحقوق الإنسان، فالتعامي الدولي عن تلك الجرائم يجعل كافة المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان دون أدنى قيمة في ظل تجاهلها من قبل الدول الأعضاء مقابل مصالح سياسية رخيصة.