أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا صباح اليوم 5/3/2015 تقريرا بعنوان (الموت البطيء في السجون المصرية) يتناول الإهمال الطبي والإنتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المحتجزون في السجون المصرية مما أدى إلى وفاة عشرات المحتجزين وإصابة المئات بأمراض خطيرة.
وتحدث التقرير عن الزيادة الكبيرة في أعداد المعتقلين في مصر جراء حالة القمع الأمني التي يشنها النظام ضد المعارضين خاصة مع التوسع في إجراء الحبس الإحتياطي وإلغاء الحد الأقصى لمدته الزمنية.
وذكر التقرير أن غالبية مقرات الإحتجاز تشكل خطرا داهما على حياة كافة المحتجزين فيها كنتيجة طبيعية لسوء ظروف الإحتجاز داخل هذه المقرات إضافة إلى الفساد الذي تعاني منه إدارات السجون والمؤسسات الشرطية وغياب الرقابة على السجناء والإهمال الطبي وسوء الرعاية.
وأكد التقرير أن أغلب المعتقلين يتعرضون مع اللحظات الأولى للإعتقال إلى تعذيب بشع لإجبارهم على التوقيع على محاضر تفيد ارتكابهم جرائم مخلة بالأمن العام أو جرائم إرهابية، قبل أن يتم نقلهم إلى مقرات الإحتجاز والتي هي في معظمها مسالخ تنتشر فيها الأمراض وتنتقل فيها العدوى لتزدادا أحوال المعتقلين سوءا ويصاب الأصحاء منهم بأمراض خطيرة.
ورصد التقرير خلال فترة أربعة أشهر منذ الأول من سبتمبر إلى آخر ديسمبر 2014 وفاة 26 محتجزاً داخل السجون المصرية بينهم امرأتين، منهم 17 محتجزاً على خلفية مدنية / جنائية وتسعة معتقلين على خلفية قضايا معارضة السلطات الحالية.
وأكد التقرير أن كل هؤلاء الأشخاص توفوا نتيجة إهمال حالتهم الصحية بشكل متعمد من قبل الأجهزة الأمنية أو النكول عن تقديم العون الطبي لهم أو توفوا تحت وطأة التعذيب الذي تمارسه الأجهزة الأمنية بشكل ممنهج.
كما رصد التقرير عدد 42 حالة لمرضى داخل السجون المصرية من بينهم 14 شخص مهديين بالموت نظرا لتأخر حالتهم الصحية وسوء أوضاع الإحتجاز وعدم توافر الإمكانيات اللازمة لعلاجهم مع رفض النيابة العامة إصدار أي قرارات بالإفراج الصحي عنهم بالمخالفة لنص قانون تنظيم السجون وقانون الإجراءات الجنائية.
وأكد التقرير أن واقع السجون ومراكز الاحتجاز المصرية يؤكد أن هناك انعزال تام بين القوانين الدولية والمحلية وبين الواقع المُطبق بالفعل في مصر، فعلى الرغم من توافق قانون تنظيم السجون المصري مع غالبية ما تم النص عليه في القواعد الدنيا لمعاملة السجناء إلا أن كل هذه النصوص تظل حبرا على ورق ولا تجد سبيلا للتطبيق.
وقال التقرير أنه وفقا لقواعد المسؤولية الجنائية فإن مسؤولية ما يتعرض له المعتقلون الذين يُقتلون داخل مقرات الاحتجاز لأسباب مختلفة بالتعذيب أو بالإهمال الطبي وسوء الرعاية تقع على كل مسؤول مباشر عن عمليات التعذيب و ومديري السجون ومقرات الاحتجاز، كما تشمل القائمين على السلطة التنفيذية في النظام المصري الذين علموا بانتشار الجريمة ولم يفعلوا شيئا لوقفها .
وأوضح التقرير أن كل الشواهد والدراسات حول أوضاع السجون ومراكز الإحتجاز المصرية تؤكد أن استمرارها على ذات النهج غير الآدمي كفيلا بحصد المزيد من أرواح المحتجزين دون توقف، خاصة مع وجود مئات المحتجزين الآن في السجون ومراكز التوقيف المصرية في أوضاع صحية متردية.
أمام هذا الواقع الخطر ناشد التقرير الأمين العام للأمم المتحدة واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والاتحاد الأوربي اتخاذ خطوات عملية وسريعة لإطلاق سراح المعتقلين تعسفيا في السجون المصرية، والضغط على السلطات المصرية لضمان التزامها بالقانون المحلي والدولي.