في تطور خطير يكشف عن تصاعد النهج القمعي في السعودية؛ أعلنت السلطات اليوم تنفيذ حكم الإعدام بحق الصحفي تركي بن عبدالعزيز الجاسر، بعد أكثر من سبع سنوات من الاحتجاز التعسفي والمحاكمة الجائرة التي غابت عنها أدنى معايير العدالة، وذلك على خلفية اتهامات ملفّقة تتعلق بممارسته حقه في التعبير.
ووفقًا لما ورد في بيان وزارة الداخلية، فقد أُدين الجاسر بتهم من بينها “الخيانة العظمى” و”التخابر مع جهات خارجية” و”تمويل الإرهاب”، وهي تهم فضفاضة وشائعة تُستخدم بصورة منهجية لتجريم النشطاء والمعارضين السلميين، دون تقديم أدلة علنية أو إتاحة محاكمة نزيهة.
وبدأت مأساة تركي الجاسر في 15 مارس 2018، عندما اقتحمت قوة أمنية تابعة لمباحث أمن الدولة منزله بشكل عنيف ودون إذن قضائي، على خلفية الاشتباه بإدارته حساب “كشكول” المعارض على منصة “تويتر”، المعروف بانتقاده السلمي لانتهاكات السلطة السعودية.
وعقب اعتقاله؛ اختفى الجاسر قسرًا لمدة عامين، ترددت خلالها أنباء عن مقتله تحت التعذيب، قبل أن يُسمح له بإجراء مكالمة قصيرة مع أسرته عام 2020.
وعلى مدى سنوات اعتقاله، تعرض لأنماط متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي، وحُرم من حقه في الدفاع القانوني، ولم تُعلن السلطات السعودية عن أي تفاصيل متعلقة بمحاكمته، ما يشير إلى غياب تام للشفافية والضمانات القضائية.
ويمثل إعدام تركي الجاسر سابقة خطيرة، كونه أول صحفي يُعدم في المملكة بسبب تعبيره السلمي عن رأيه، في غياب أي اتهامات تتعلق بالعنف أو استهداف رجال أمن، على عكس الحالات التي نفذت فيها الإعدامات سابقًا.
ويُظهر هذا الحكم أن الدولة ماضية في استخدام عقوبة الإعدام كأداة لترهيب المجتمع، وتصفية الأصوات المستقلة، في انتهاك واضح لحق الحياة، وضمانات المحاكمة العادلة المكفولة في القانون الدولي.
ويأتي هذا الإعدام ضمن نمط موسّع من الانتهاكات التي تشمل الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، وحجب المحاكمات العلنية، وإصدار أحكام قاسية على خلفيات سياسية، وسبق أن نفذت السعودية خلال هذا العام فقط أكثر من 100 حكم بالإعدام، معظمها في قضايا ذات طابع سياسي أو تعبير سلمي، دون شفافية أو رقابة قضائية مستقلة.
وفي المقابل؛ يواصل المجتمع الدولي غضّ الطرف عن الانتهاكات المنهجية في السعودية، رغم توالي التقارير التي توثق التعذيب والإخفاء القسري، وتوظيف القضاء كأداة قمع سياسي. ويعزز هذا الصمت مناخ الإفلات من العقاب، ويمنح النظام السعودي ضوءًا أخضرًا للاستمرار في سحق الحريات الأساسية، لا سيما حرية التعبير.