تمر هذه الأيام أربع سنوات على حادثة الاختفاء القسري التي تعرضت لها المواطنة السعودية حليمة الحويطي وعائلتها، في واحدة من أبرز قضايا حقوق الإنسان المرتبطة بعملية التهجير القسري لقبيلة الحويطات، التي بدأت بعد المصادقة على مشروع مدينة “نيوم” المستقبلية من قبل الحكومة.
ففي نوفمبر 2020، قامت السلطات السعودية باعتقال حليمة الحويطي، وهي أم وناشطة ضمن مجتمعها المحلي، إلى جانب زوجها وابنها وعدد من أفراد عائلتها، بمن فيهم أشقاء زوجها، وذلك إثر رفضهم القاطع لعمليات التهجير القسري التي استهدفتهم ضمن مشروع “نيوم”، ومواجهتهم الضغوط المتزايدة للتنازل عن منازلهم، التي تمثل إرثاً ثقافياً وجغرافياً لقبيلة الحويطات التي تعيش في هذه المنطقة منذ أجيال.
ورغم مرور أربع سنوات على اعتقال حليمة الحويطي؛ لم تقدم السلطات السعودية أي معلومات عن مكان احتجازها أو أوضاعها، ما يجعلها ضحية لجريمة الاختفاء القسري، وهي جريمة تعاقب عليها القوانين الدولية باعتبارها انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان. كما أن استمرار الاختفاء يضاعف من معاناة أسرتها، التي لا تزال محرومة من أي تواصل معها أو مع باقي أفراد العائلة المعتقلين.
ومنذ اعتقالها؛ تعيش أسرة حليمة الحويطي في حالة من القلق واليأس، حيث انقطعت كل أشكال التواصل معها ومع باقي أفراد العائلة المختفين، وتعاني الأسرة من ضغوط نفسية واقتصادية نتيجة غياب المعيل الأساسي، وتجاهل السلطات لمطالبهم بمعرفة مكان حليمة وأفراد عائلتها.
ويُعد الاختفاء القسري انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي تنص على حق الأفراد في معرفة مصير ذويهم وحق الضحايا في الحماية من هذه الممارسات.
كما يتعارض الاختفاء القسري مع الدستور السعودي الذي ينص على حماية كرامة الإنسان وحريته. ومع ذلك؛ تشير التقارير الحقوقية إلى أن السلطات السعودية استخدمت هذه الممارسة بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً ضد النشطاء والمعارضين والمجتمعات المتضررة من مشروعات التنمية القسرية.
وتمثل قضية حليمة الحويطي وعائلتها جزءاً من سياق أوسع لانتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بمشروع “نيوم”، الذي يهدف إلى إقامة مدينة مستقبلية على الساحل الشمالي الغربي للمملكة، ولكنه جاء على حساب تهجير آلاف السكان من قبيلة الحويطات، الذين رفضوا التنازل عن أراضيهم ومنازلهم طواعية، وواجه العديد منهم الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، بل وحتى الإعدام، كما في حالة عبد الرحيم الحويطي، الذي قتل على يد القوات الأمنية في عام 2020 بعد أن عبر عن رفضه التهجير عبر مقاطع فيديو نشرها على الإنترنت.