تتصاعد الانتهاكات بحق المعتقلين السياسيين في الأردن، مع استمرار حرمانهم من حقهم في مقابلة محاميهم وذويهم، في تجاوز واضح للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل الحد الأدنى من الحقوق للمحتجزين، سواء من حيث المعاملة الإنسانية أو التواصل مع الخارج.
ويتزامن هذا الإجراء مع حملة اعتقالات مستمرة؛ طالت في الآونة الأخيرة شخصيات متقدمة في العمر، يعاني عدد منهم من أمراض مزمنة، ما يزيد من خطورة الوضع الإنساني داخل أماكن الاحتجاز.
وفي هذا السياق؛ صرّح المحامي عبدالقادر الخطيب أن أكثر من 14 معتقلًا، غالبيتهم ممن تجاوزوا السبعين عامًا، لم يُسمح لهم حتى الآن بمقابلة عائلاتهم أو محاميهم للمرة الثانية على التوالي، رغم التقدم المتكرر بطلبات رسمية في هذا الشأن.
واعتبر أن هذا المنع غير المبرر يشكّل مساسًا مباشرًا بالحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور الأردني، وبالأخص الحق في الدفاع، والحق في الكرامة الإنسانية.
وشدد الخطيب على ضرورة تغليب صوت العقل والحكمة في التعامل مع هذا الملف، لما له من انعكاسات خطيرة على النسيج الداخلي والسلم المجتمعي، مشيرًا إلى أن استمرار هذا النهج يُضعف الثقة العامة في منظومة العدالة.
ولا يمكن عزل ما يجري مع المعتقلين السياسيين عن منظومة أوسع من التضييق على الحريات العامة، وممارسة تُصنّف ضمن أشكال الاحتجاز التعسفي بحسب القانون الدولي، حيث إن المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على حق كل شخص في الدفاع عن نفسه، والحق في الاتصال بمحامٍ يختاره، دون إبطاء.
كما أن قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني يضمن صراحة حق الموقوف في مقابلة موكله، ما يجعل استمرار المنع انتهاكًا مزدوجًا للالتزامات الدولية والتشريعات المحلية.
وفي ظل غياب الرقابة القضائية الفعلية على ظروف التوقيف، وحرمان المحتجزين من التواصل مع العالم الخارجي؛ تتزايد المخاوف بشأن ما قد يتعرض له هؤلاء من ضغوط أو ظروف قاسية داخل أماكن الاحتجاز، خاصة في ظل التعتيم الرسمي وعدم توفير معلومات دقيقة حول حالتهم الصحية.
إن الإصرار على هذا النهج يقوّض أبسط مقومات العدالة، ويفتح الباب أمام مساءلة قانونية للدولة الأردنية عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وتُطرح في هذا السياق مسؤولية السلطات الرسمية في احترام سيادة القانون، وتفعيل الرقابة القضائية الفعلية، والسماح الفوري بزيارات المحامين والأهالي، باعتبارها خطوة أساسية لاستعادة الثقة وضمان الحد الأدنى من حقوق المحتجزين.