قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن السلطات السودانية ماضية في نهجها التعسفي القائم على إقصاء كل صاحب رأي مخالف لا يتوافق مع أجندتها، بما يخالف القانون وينتهك العدالة التي طالب الشعب السوداني في ثورته بإرساء قواعدها في التعامل مع كافة طوائف المجتمع.
استبداد السلطة
وأوضحت المنظمة أن ما يتعرض له عدد من معتقلي حزب “المؤتمر الشعبي” على أيدي الحكومة الحالية من الناحيتين القانونية والحقوقية هو تجسيد واضح لاستبداد السلطة الانتقالية وتأكيد على سوء نيتها فيما يتعلق بالحفاظ على مقدرات الثورة وترسيخ الديمقراطية وإرساء دولة القانون، حيث أنه من غير المقبول أن يُعامل الانتماء السابق إلى أي حزب سياسي، أو حمل أي أفكار سياسية معاملة الفعل الجنائي المجرَّم.
وبينت المنظمة أن معتقلي “المؤتمر الشعبي” والمحتجزين داخل سجن “كوبر” في العاصمة، يعانون من اضطهاد واضح يتمثل في سوء المعاملة والتعنت في توفير الرعاية الطبية اللازمة للمرضى منهم إلا إذا قرر المعتقل العلاج على نفقته الخاصة، بالإضافة إلى خضوعهم لمحاكمة جائرة تتنافى ومبادئ الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية 2019.
وأضافت المنظمة أن عدداً من معتقلي “المؤتمر الشعبي” قد جاوز الثمانين من عمره، ومن الإنسانية ألا يستمر احتجازه خاصة إذا كانت حالته الصحية تستدعي الإفراج الفوري عنه، مثل رئيس الحزب “علي الحاج محمد – 80 عاماً” والذي يعاني من ضعف عضلة القلب ومرض السكري وكذلك رئيس هيئة شورى الحزب “إبراهيم السنوسي- 82 عاماً” والذي يعاني من عدة أمراض بالدم، واللذين لم تمكنهما إدارة السجن من تلقي الرعاية الصحية المناسبة إلا على نفقتهم الخاصة.
محاكمات كيدية
وذكرت المنظمة أنه وبحسب أحد أعضاء فريق هيئة الدفاع عن معتقلي “المؤتمر الشعبي” أن المعتقلين المذكورين يحاكمون بحسب الاتهام على انقلاب عام 1989، وهو حدث مر على وقوعه أكثر من 30 عاماً عند تقديم البلاغ ضدهم، وبحسب القانون السوداني فإن التهم -أياً كان نوعها- تسقط بالتقادم في حال مر عليها عشر سنوات، لكن ولأن السلطات الحالية قامت بتعديل القانون بعد تقديم البلاغ بفترة بسيطة لتصبح الجرائم المستمرة لا تسقط بالتقادم، أي تم استحداث هذا النص القانوني خصيصاً للتمكن من محاكمة هؤلاء المعتقلين الذين تعرضوا لاعتقال انتقائي يؤكد انحياز السلطة القضائية ضدهم”.
وأشارت المنظمة إلى أن البلاغ المقدم ضد أفراد النظام السابق الذين قاموا بانقلاب 1989، والذي ضم 40 متهماً، تم تقديمه من طرف عدد من الشخصيات العامة وكان من بينهم تاج السر علي الحبر، الذي تم تعيينه في منصب النائب العام بعد تقديم هذا البلاغ، ليصبح خصما في الدعوى وقاضيا فيها في نفس الوقت.
هذا بالإضافة إلى أن أحد القضاة الذين ينظرون القضية هو القاضي محمد المعتز كمال، والذي شارك في اعتصام القيادة 2019 في خلط واضح بين القضاء والسياسة، وتم نشر مقاطع مصورة له وهو يهتف ضد هؤلاء المعتقلين قبل سقوط نظام البشير، ما ينزع عن المحاكمة صفة الحياد ويؤكد تسييسها، خاصة بعد رفض الطلب المقدم من هيئة الدفاع بتنحية هذا القاضي.
تقويض الاستقرار
ولفتت المنظمة إلى أنها سبق وحذرت من أن عمليات التهميش والاقصاء والعزل السياسي التي تفرضها السلطات الحالية على فصائل معينة ستؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم البلاد والإضرار بالوحدة الوطنية، فضلاً عن عرقلة خطوات المصالحة وتقويض أي مساع للاستقرار أو التوافق.
وطالبت المنظمة السلطات القضائية بالالتزام بواجبها في تحقيق العدالة والتخلي عن أي مظهر من مظاهر الانحياز وعدم الانقياد وراء رغبات السلطات الحالية التي تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ الحكم العسكري وإدارة البلاد باستحداث أنظمة قمعية وديكتاتورية تحت مسمى حماية الثورة.