أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا صباح اليوم الأربعاء 24/12/2014 تقريرا استقصائيا حول حقيقة الإرهاب في مصر بعنوان “الشيطنة باسم الإرهاب”.
وبدأ التقرير بتعريف الإرهاب وفق المفهوم الوراد في القانون الدولي والشروط والمعايير التي يمكن معها إسباغ وصف الإرهاب على الممارسات المختلفة للكيانات والأفراد حيث أدرج الإرهاب في وقت مبكر على جدول أعمال المجتمع الدولي عام 1934، عندما اتخذت عصبة الأمم أول خطوة نحو تجريمه من خلال مناقشة مشروع اتفاقية لمنع الإرهاب والمعاقبة عليه.
ثم تحدث التقرير عن مفهوم الإرهاب في القانون المصري وقواعد الإثبات الجنائي الواجب توافرها قبل إطلاق وصف جنائي على أي متهم واعتباره إرهابيا، ثم تناول بالتحليل نصوص القوانين المصرية المتعلقة بتعريف الإرهاب ومدى اتفاقها مع القانون الدولي وقواعد العدالة والإنصاف.
وذكر التقرير أنه في أعقاب الثالث من يوليو 2013 جندت الدولة المصرية كل أجهزتها للقضاء على الحراك السلمي المناهض للانقلاب العسكري باسم مكافحة الإرهاب فأصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور عدة قوانين تحظر أنشطة أحزاب وحركات سياسية مناهضة لها وتمنع التظاهر وتطلق يد الأجهزة الأمنية في قمع المواطنين، وزادت مساحة الانتهاكات بحق المواطنين بشكل غير مسبوق فالقتل خارج إطار القانون دون حساب أو رقابة، وآلاف من المعتقلين والمطلوبين بذات المبرر، ومارست الأجهزة الأمنية عمليات تعذيب بشعة وممنهجة بحق المتهمين لإجبارهم على الاعتراف بارتكاب جرائم إرهابية.
وعرض التقرير لأهم القوانين والقرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية في إطار مواجهة الإرهاب وفق ما أعنلت عنه وتناول التقرير تحليلا موضوعيا لتلك القوانين ليتبين أن جميعها تصب في شرعنة ممارسات لا قانونية و تزيد من إنهيار منظومة حقوق الإنسان في مصر.
وقال التقرير أنه لا أحد يستطيع أن ينكر تعرض الدولة المصرية في أعقاب الثالث من يوليو 2013 لعمليات ينطبق عليها وصف الإرهاب وهي مدانة بالتأكيد إلا أن ممارسات الأجهزة الأمنية لم تُوجه ضد تلك العمليات أو التحقيق فيها بصورة جادة ومحايدة وشفافة لضبط مرتكبيها ومنع تكرارها، بل قامت السلطات التنفيذية باستثمار تلك العمليات لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة مثل تشديد الحصار على قطاع غزة وحظر نشاط أحزاب وحركات سياسية ومنع أي أنشطة احتجاجية ضد النظام، بالإضافة إلى حشد الجماهير ضد المعارضين والعمل على شيطنتهم في وسائل الإعلام المختلفة .
وتناول التقرير بالدراسة بعض أهم العمليات الإرهابية التي حدثت في مصر في أعقاب الثالث من يوليو 2013 والتي حظيت باهتمام إعلامي واسع، فقام التقرير بذكر وصف مختصر لكل عملية وآثارها ثم التصريحات الرسمية الصادرة من مؤسسات رسمية في الدولة أو من مسؤولين في الحكومة المصرية، ثم التناول الإعلامي الرسمي والموالي للسلطات المصرية، ثم نتائج التحقيقات وفق ما تم الإعلان عنه قضائيا أو أمنيا.
وعرض التقرير الكيانات التي أطلقت السلطات المصرية عليها وصف الإرهاب إما بقرارات إدارية صادرة من الحكومة أو بأحكام قضائية، وفند التقرير الأسباب التي استندت لها الحكومة أو الأحكام القضائية لإسباغ هذا الوصف على تلك الكيانات.
وتناول التقرير بالدراسة والتحليل بعض المجموعات التي تم إلقاء القبض عليها من قبل أجهزة الأمن المصرية وأطلق عليها إعلاميا وصف (الخلايا الإرهابية) وحلل التقرير طبيعة وأدلة التهم المنسوبة وما تم التوصل إليه من شهادات أولئك المتهمون أو ذويهم حول عمليات اعتقالهم.
وقام التقرير بعملية رصد وتحليل كمي كامل للبيانات والمعلومات التي نُشرت على الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية على الفيس بوك التي تعلقت ببعض الأشخاص المتهمين بالإرهاب وفق وصف الجهاز الإعلامي للوزارة في الفترة من أول يناير إلى آخر أكتوبر 2014 للوقوف على مفهوم الأجهزة الأمنية للإرهاب.
واتضح من عملية جمع وتحليل المعلومات أن عدد الأشخاص المعلن عنهم والذين تم اتهامهم بالإرهاب خلال فترة البحث 3539 شخصا تم القبض عليهم خلال 486 عملية ضبط وفق المعلن على صفحة وزارة الداخلية فقط.
وأثبتت النتائج بشكل واضح أن وزارة الداخلية في مصر تستخدم الإرهاب كمصطلح مقلق للمجتمع المصري والدولي في سبيلها لقمع أي حراك معارض لها حيث اتضح أن 249 عملية ضبط أمني بما يعادل 51.3% من إجمالي العمليات كانت التهمة الرئيسية فيها هو التظاهر أو التحريض على التظاهر أو أعمال مرتبطة بالتظاهر كضرب الطبول واطلاق الشماريخ أو القيام بأعمال شغب وفق الوصف المنشور ، وكانت الاتهامات في 210 عملية ضبط عن اتهامات بالانتماء الفكري لجماعة الإخوان المسلمين أو إدارة صفحات تواصل اجتماعي على الفيس بوك وتويتر تحمل تحريضا على معارضة السلطات أو التحريض على مقاطعة الانتخابات والاستفتاءات، بينما كان تهمة حيازة أسلحة أو ارتكاب عمليات إرهابية كالتفجير والاغتيال عدد 27 عملية أمنية فقط أي ما يعادل نسبة 5.6% من عمليات الضبط في عشرة أشهر.
وأكد التقرير أن ممارسات الأجهزة الأمنية التي تتم بحق المعارضين وبحق قطاعات مجتمعية في مصر مثل أهالي سيناء، وانعدام الرقابة وحماية القانون وإهدار منظومة العدالة، وتصدير الحلول الأمنية والعسكرية بشكل مبالغ فيه دون الحلول السياسية والاجتماعية، لم تحل الأزمة المصرية ولم تحقق الأمن والاستقرار على مدار عام ونص بل بدا أنها لا تؤدي إلا إلى إذكاء روح الانتقام مما يساهم بشكل مباشر في تهيئة المناخ للتطرف.