تتواصل الانتهاكات الحقوقية في السجون المصرية، حيث تشهد البلاد تجديد حبس معتقلين سياسيين بشكل متصاعد، وتزايد التقارير حول الإهمال الطبي المتعمد وظروف الاحتجاز السيئة، والوفيات الناجمة عن ذلك.
وفي هذا السياق؛ تلقى النائب العام المصري محمد شوقي عياد، بلاغاً من أسرة المعتقل الراحل سعد السيد مدين (57 عاماً)، يطالبون فيه بالتحقيق في وفاته داخل سجن برج العرب يوم الاثنين الماضي.
وقالت أسرة مدين إنهم لاحظوا آثارًا على جسده عند استلام جثمانه، مما أثار شكوكًا حول وفاته في ظروف غامضة.
ووفقًا لتقارير حقوقية، كان مدين يعاني من أمراض مزمنة، وقد تقدمت أسرته بشكاوى عديدة بسبب الإهمال الطبي المتعمد داخل السجن، فضلاً عن منع العلاج عنه لفترات طويلة، ما ساهم في تدهور حالته الصحية.
وتستوجب وفاة مدين فتح تحقيق عاجل في ملابسات وفاته، ومحاسبة إدارة السجن لرفضها نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.
تجديد حبس نجلي معارضين سياسيين
وفي ذات الإطار؛ قررت محكمة الجنايات تجديد حبس الحسين نجل السياسي المعارض خيرت الشاطر، وأنس نجل السياسي المعارض محمد البلتاجي، لمدة 45 يومًا على ذمة قضية تتعلق بمزاعم انضمامهما لجماعة إرهابية.
ووفقًا لهيئة الدفاع؛ فقد تم تجديد حبسهما منذ نحو ست سنوات، في وقت يُعتبر فيه هذا التجديد خرقًا للحد الأقصى للحبس الاحتياطي المنصوص عليه قانونًا، والذي لا يتجاوز عامين.
وفيما اعتبرت الدفاعات أن الحبس يتم من خلال تدويرهما في قضايا جديدة لضمان استمرار احتجازهما لأسباب سياسية؛ أشار محامو المعتقلين إلى الانتهاكات المتعددة التي يتعرضان لها، بما في ذلك التعذيب والإهانة وحرمانهما من الزيارات، بالإضافة إلى الظروف غير الإنسانية داخل السجن.
تجديد حبس مناصري لغزة
وجددت النيابة حبس 173 شابًا لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات في قضايا تتعلق بالتظاهرات التي اندلعت في 20 أكتوبر 2023، دعمًا لقضية فلسطين ونصرة قطاع غزة ضد العدوان الإسرائيلي.
ووجهت النيابة إلى المعتقلين تهمًا تشمل “الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”التحريض على التظاهر” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى اتهامهم بـ”إتلاف الممتلكات العامة والخاصة”، وهي تهم درج النظام المصري على توجيهها لمعارضي سياساته كي يتسنى له التنكيل بهم.
وقد شملت هذه القضية نحو 27 ملفًا منفصلًا تتعلق بمظاهرات في 20 محافظة ومدينة مصرية، والتي اتسمت بالسلمية، إلا أن السلطات الأمنية قامت بقمعها بشكل عنيف، حيث تم اعتقال المتظاهرين بشكل عشوائي، بل وتم مطاردة البعض داخل منازلهم.
تجديد حبس المعارض يحيى عبد الهادي
وفي واقعة أخرى؛ قررت محكمة جنايات القاهرة تجديد حبس المعارض السياسي البارز يحيى حسين عبد الهادي، رغم تدهور حالته الصحية.
وتعرض عبد الهادي لأزمتين قلبيتين متتاليتين في السجن خلال الشهر الماضي. ورغم وضعه الصحي الخطير، فإن المحكمة درجت على رفض إخلاء سبيله.
وفي الجلسة الأخيرة؛ طالبت هيئة الدفاع عن عبد الهادي مجدداً بالإفراج عنه بناءً على حالته الصحية، إلا أن المحكمة قررت استمراره في الحبس.
يشار إلى أن عبد الهادي أُدخل المستشفى مرتين لتلقي العلاج، لكن السلطات القضائية تجاهلت مطالبات نقله إلى مستشفى خارج السجن لظروف طبية أفضل.
تدوير الصحافي مصطفى الخطيب
وفي إحدى تجليات قمع الصحافيين في مصر؛ قررت نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس الصحافي مصطفى الخطيب، الذي كان يعمل لوكالة أسوشييتد برس، على ذمة قضية جديدة بعد أن قضى خمسة سنوات في الحبس الاحتياطي بسبب قضايا مشابهة.
وكان الخطيب قد اعتقل في 2019 بعد نشره تقريرًا عن اعتقال طلاب بريطانيين في القاهرة، وهو ما أزعج السلطات، التي حبسته على ذمة قضية سابقة تتعلق بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة”، ليتم تدويره في قضية جديدة أثناء سجنه، في محاولة لإبقائه رهن الاعتقال دون محاكمة عادلة.
وتستمر السلطات المصرية في استخدام أساليب قمعية ضد المعارضين والنشطاء عبر الحبس الاحتياطي المطول والتعذيب وحرمان المعتقلين من العلاج، وهي انتهاكات تتناقض بشكل صارخ مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الحق في محاكمة عادلة وظروف احتجاز إنسانية.