“تواجه معتقلات الرأي في السجون المصرية انتهاكات جنسية ممنهجة”.. هذا ما خلص إليه تحقيق نشرته صحيفة صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
وقالت الصحيفة في تحقيقها، إن مجموعة من النساء اتهمت السلطات المصرية بانتهاك أجسادهن، بعد اعتقالهن على خلفية فعاليات نشاطات معارضة لممارسات السلطات.
وأكدت معتقلات رأي مصريات أنهن تعرضن للتعرية قسراً أمام ضباط وأطباء، وأجريت لهن فحوصات كشف للعذرية، وانتهاكات جنسية عديدة، خلال عمليات الفحص على يد عناصر نسائية للأمن، وصلت إلى حد التحرش.
وعقبت الصحيفة: “سواء كن ضحايا أو شاهدات أو متهمات، تواجه النساء اللواتي يتعاملن مع منظومة العدالة الجنائية في مصر خطر التجريد من ملابسهن وتحسس أجسادهن، وانتهاكهن”.
ونقلت الصحيفة عن المعتقلات قولهن إن بعض هذه الاعتداءات حدث أثناء عمليات تفتيش روتينية تقوم بها الشرطة أو حرّاس السجون، في حين حدث البعض الآخر على يد أطباء تابعين للدولة طُلب منهم إجراء فحوصات جسدية من بينها ما يُعرف باسم كشوف العذرية.
وأضافت “نيويورك تايمز” أنه لا توجد إحصائيات معلنة حول عدد هذه الوقائع التي تقول جماعات حقوقية بأنها قد يجوز اعتبارها تعذيبا واعتداء جنسيا، مشيرا إلى أن من النادر أن تُقدِم النساء في مصر على الإبلاغ عن تلك الوقائع بسبب ما يتعرض له ضحايا الاعتداء الجنسي من نبذ ومهانة في كثير من الأحيان.
ولفتت الصحيفة إلى أن ما لا يقل عن اثنتي عشرة امرأة روين أنهن مررن بتجارب مشابهة، واختار أغلبهن التحدث إلينا دون الكشف عن هويتهن خوفًا من الاعتقال أو الوصم المجتمعي الذي قد ينال أُسرهن.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن ضابط شرطة سبق له العمل، قبل سنوات في أحد مراكز الشرطة وأحد السجون، قوله إن الانتهاكات الجنسية للنساء تحدث في كل مكان، وأن الهدف ليس جمع الأدلة أو البحث عن المحظورات، بل إهانة إنسانيتك.
وأشارت الصحيفة إلى واقعة احتجاز الجيش 18 امرأة على الأقل في احتجاج في عام 2011، وإخضاعهن لتفتيش ذاتي ولفحوص كشف العذرية، وقول الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان آنذاك مدير إدارة المخابرات الحربية، إنه يدرك “الحاجة إلى تغيير ثقافة القوات الأمنية”، حيث وعد “بحماية المعتقلين من سوء المعاملة”.
وأوضحت الصحيفة أن السيسي لم يحقق وعده بعد مرور عقد على هذه الواقعة، وسبع سنوات من توليه رئاسة الدولة.
وبينت أن عمليات التفتيش الجسدي لا تقتصر على المشتبه فيهن في قضايا جنائية أو النشطاء، إذ قالت الصحيفة إنها تحدثت مع امرأتين ومحامية عن امرأة ثالثة قلن إنهن بعد تقدمهن ببلاغات عن تعرضهن لاعتداء جنسي تم انتهاكهن على أيدي أطباء تابعين للدولة.
وفي عام 2011، قضت محكمة مصرية باعتبار “كشوف العذرية” القسرية “انتهاكًا لحرمة جسد الإناث وعدوان على كرامتهن الإنسانية”، ولكن في شهر أغسطس/ آب الماضي أفادت منظمات حقوقية موثوقة بأن “كشوف العذرية” القسرية لا تزال تستخدم.
وقالت الفتاة ملك الكاشف في حديث مع الصحيفة، إنها احتجزت في أحد مراكز الشرطة لمدة أسبوعين، بينما كان المسؤولون يحاولون تحديد ما إذا كانت ستُرحّل إلى سجن النساء أم الرجال.
وأُرسلت ملك إلى مستشفى عام وهي مقيدة اليدين مع شرطي في زي رسمي أصر على حضور الكشف الطبي، حيث طُلب منها أن تخلع ملابسها لفحص أعضائها التناسلية قبل أن تخضع لفحص شرجي.
وتقول الكاشف إنه بعد مرور دقائق من إجراء الكشف عليها وبينما كان الشرطي يقتادها في طريق العودة إلى مركز الشرطة؛ أمسك بفخذها وأخبرها أنه شعر بالإثارة.
ورغم أن الكاشف قد خضعت لعلاج بالهرمونات وبدأت في إجراء عمليات جراحية للعبور الجنسي، إلا أن نتيجة الكشف عنها كانت غير قاطعة، إذ أرسلتها النيابة إلى مصلحة الطب الشرعي للكشف عليها مرة أخرى، قبل أن يحسم الأمر باحتجازها في زنزانة انفرادية داخل سجن الرجال.
وسجلت “نيويورك تايمز” شهادة أخرى لصحافية قالت إنها كانت تعمل أحيانا مع قناة الجزيرة، وكانت قد أعدت تقارير عن بعض الاضطرابات المتفرقة في مصر.
وقالت الصحافية التي تم إخفاء وجهها إنها “في مساء يوم ممطر من شهر أبريل/نيسان عام 2018، وبينما كانت تحمل الحاسوب والكاميرا في حقيبة ظهرها، أوقفها شرطيان بملابس مدنية”، مضيفة إلى أنه جرى اقتيادها معصوبة العينين إلى مؤسسة أمنية لاستجوابها، ليتم توجيه تهم لها بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.
وأشارت الصحافية إلى أنه “خلال الأربع والعشرين ساعة الأولى من الاستجواب، تحسس جسدها رجل ظنّت أنه ضابط (كانت لا تزال معصوبة العينين)”، وأضافت أنها تعرضت لنفس الفعل مرة ثانية عندما دخلت السجن، حيث قضت قرابة العام دون محاكمة.
وتقدّمتْ الصحافية بشكوى إلى سلطات السجن، لكن لم يتغير أي شيء حتى عام 2019، عندما تقدمت سجينة أخرى في نفس السجن (سجن القناطر) إلى مكتب النائب العام بشكوى تقول فيها بأنها تعرضت للاعتداء الجنسي.