قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إنّ اعتقال المحامي الفلسطيني مهند كراجة، مدير مجموعة “محامون من أجل العدالة” بتهم مفبركة من الأجهزة الأمنية، يمثّل تصعيدًا خطيرًا في سياسة التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين العاملين في قضايا الحريات العامة، ويعكس حالة التدهور المستمرة في استقلال القضاء وسيادة القانون في الأراضي الفلسطينية.
وأوضحت المنظمة أنّ النيابة العامة أصدرت قرارًا بتوقيف كراجة أمس الأربعاء 29/10/2025 لمدة 48 ساعة، بعد استدعائه للتحقيق، وتوجيه تهمٍ تتعلق بـ”إثارة النعرات العنصرية” و”نقل أخبار مختلقة بغرض إثارة الفزع” استنادًا إلى قوانين تعود إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وتُستخدم كأداة لمعاقبة المعارضين والمنتقدين للسلطة.
وأضافت المنظمة أنّ التهم الموجهة إلى كراجة قائمة على مواد رقمية مفبركة وملفقة له عمدا، نُشرت ضمن حملة تحريض وتشهير منظّمة استهدفته شخصيًا واستهدفت المجموعة الحقوقية التي يرأسها، وتحسبا لاعتقاله سجل فيديو فصل فيه تفاصيل توقيفه على جسر الأردن عند عودته من السفر حيث استجوب وطلب منه مقابلة جهاز المخابرات وأفرج عنه، لكن بقي تحت تهديد الاعتقال وطلب نشر الفيديو حال اعتقاله ، وبعد اعتقاله تم نشر الفيديو الذي قال فيه أنه تعرض للتهديد بالقتل كما تعرضت عائلته والعاملين في مكتبه للتهديد كذلك في مسعى لإرهابه مشددا على أنه قدم شكاوى للنيابة بخصوص تلك التهديدات لكنه تم تجاهلها كاملة، كما أعلن دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام حال اعتقاله رفضا للتهم الموجهة إليه واحتجاجًا على استهدافه بسبب نشاطه المهني والحقوقي.
وبيّنت المنظمة أنّ هذا الاعتقال ليس حالة فردية، بل يأتي ضمن سياق متواصل من الملاحقات والاعتقالات التي تستهدف النشطاء والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الضفة الغربية، في ظل غياب المساءلة واستمرار سياسة تكميم الأفواه، ما يعكس نهجًا لتقويض الفضاء المدني وإخضاع المؤسسات الحقوقية المستقلة.
وأشارت المنظمة أن الاعتقالات والقمع الذي تمارسه أجهزة امن السلطة يأتي في إطار التعاون الأمني وسياسة الباب الدوار فمن يُعتقل عند الاحتلال تعتقله أو تستجوبه أجهزة أمن السلطة والعكس صحيح، كل هذا التعاون يتم في ظل الإبادة الزاحفة في الضفة الغربية حيث تقوم قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين بمصادرة الأراضي وبناء المستوطنات والاعتداء على ممتلكات المواطنين وحرقها وهدم المنازل وإطلاق الرصاص على المواطنين وقتلهم واستخدام الطائرات بقصف المنازل وتنفيذ حملات اعتقالات عشوائية.
وطالبت المنظمة السلطة الفلسطينية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المحامي مهند كراجة، وإسقاط جميع التهم المسندة إليه، ووقف كافة أشكال الترهيب والملاحقة التي تستهدف العاملين في المجال الحقوقي والقانوني.
كما دعت المنظمة نقابة المحامين الفلسطينيين إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية في الدفاع عن أعضائها، واتخاذ موقف واضح تجاه هذا الاعتداء على حرية العمل القانوني، والعمل على ضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.
وحثّت المنظمة المقررين الخاصين في الأمم المتحدة المعنيين بحرية الرأي والتعبير والمدافعين عن حقوق الإنسان، إضافةً إلى الاتحاد الأوروبي وبعثات الدول الراعية لحقوق الإنسان في فلسطين، على التدخّل العاجل لمتابعة هذه القضية وضمان الإفراج عن كراجة وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان من الاستهداف الممنهج الذي يهدد وجود المجتمع المدني في الأراضي الفلسطينية.
وأكدت المنظمة على أن استمرار السلطة الفلسطينية في استخدام الأجهزة القضائية والأمنية كأدوات قمع سياسي لن يؤدي إلا إلى مزيد من فقدان الثقة بالمنظومة القضائية، وتفاقم الانقسام الداخلي، وتدهور صورة السلطة أمام المجتمع الدولي، داعيةً إلى احترام التزامات فلسطين الدولية، وضمان حرية التعبير والعمل الحقوقي دون قيود أو انتقام.

























