في واقعة تكشف عن تبادل الأدوار بين السلطة الفلسطينية والاحتلال في استهداف المقاومين بالضفة، أقدمت جرافات الاحتلال على هدم أجزاء من منزل المطارد يزن الحنون في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية.
وتأتي هذه الخطوة بعد نحو شهر من إحراق أجهزة أمن السلطة الفلسطينية لمنزل الحنون، في مشهد يعكس تقاطعاً خطيراً بين السياسات القمعية التي تستهدف المقاومة الفلسطينية، ما يفاقم الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، ويثير تساؤلات حقوقية وأخلاقية واسعة.
ويعتبر هدم المنازل سياسة عقابية جماعية تنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وتعد مخالفة للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر العقوبات الجماعية بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة. هذه السياسة، التي تستخدم كوسيلة لإضعاف المقاومة الفلسطينية وردع أي نشاط مقاوم، تعرض عائلات بأكملها للتشريد والحرمان من المأوى.
ولكن المفارقة الأكثر إثارة للجدل تكمن في إقدام أجهزة أمن السلطة الفلسطينية على استهداف منزل المطارد نفسه، في سياق ملاحقتها للنشطاء والمقاومين في جنين، ما يثير تساؤلات حول دور السلطة الفلسطينية في حماية حقوق المواطنين الفلسطينيين، في ظل التزاماتها بموجب القانون الدولي تجاه شعبها.
أدوار متداخلة واستهداف ممنهج
وتسلط هذه الحادثة الضوء على التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، في تبادل للأدوار باستهداف المقاومة، بدل حماية حقوق الفلسطينيين وضمان أمنهم، إذ تنفذ السلطة اعتقالات وعمليات ملاحقة تُضعف الحاضنة الشعبية للمقاومة، بينما يستكمل الاحتلال الإسرائيلي حملته العسكرية من خلال الهدم والتدمير.
إضافة إلى ما سبق؛ فإن سياسة هدم المنازل ليست مجرد انتهاك للقانون الدولي، بل هي جزء من سلسلة أوسع من الانتهاكات التي تُمارَس ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإعدامات الميدانية، ومصادرة الأراضي.
وفي هذا السياق؛ تأتي أفعال السلطة الفلسطينية كمساهمة مباشرة في تقويض حقوق الفلسطينيين، إذ تعزز مناخ الإفلات من العقاب وتخلق حالة من الانقسام الداخلي، ما يُضعف الجهود الحقوقية في مساءلة الاحتلال.
في الوقت الذي يواجه فيه الفلسطينيون منظومة احتلال عنصرية؛ تصبح الانتهاكات الداخلية، مثل إحراق منازل المطاردين، عامل ضغط إضافي يفاقم معاناتهم، ولا يمثل فقط خرقاً للقانون الدولي، بل أيضاً خيانة لحقوق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، واستعادة حقوقه المشروعة.
يشار إلى أنه منذ ظهر الثلاثاء الفائت؛ بدأ جيش الاحتلال بمصادقة من المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة أطلق عليها اسم “السور الحديدي” قتل خلالها 12 فلسطينيا وأصيب أكثر من 50 آخرين.