الاعتقال التعسفي و العقاب الجماعي في السودان
قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن توسع السلطات السودانية في حملات الاعتقال التعسفية التي تشنها ضد معارضيها من أصحاب التوجهات المختلفة هو أمر يثير مخاوف عدة حول أوضاع حقوق الإنسان المتدهورة بالفعل، حيث أتت تلك الاعتقالات تزامنا مع ما تشهده مدن السودان المختلفة من احتجاجات على الظروف المعيشية الصعبة، وعجز الحكومة عن توفير متطلبات الحياة اليومية التي تمكن المواطنين من سبل العيش الكريم.
وأضافت المنظمة أن الحكومة السودانية شنت خلال اليومين الأخيرين حملات اعتقالات تعسفية جماعية مبنية على الانتماء السياسي وفق قرار لجنة إزالة التمكين والتي أصدرت تعميما لولاة الولايات ولجان إزالة التمكين الولائية الخميس الماضي لاتخاذ إجراءات جنائية بواسطة النيابة العامة، في مواجهة كافة رموز المؤتمر الوطني وكوادره النشطة في المركز والولايات، ليُعاملوا بموجب المواد 13 و14 من قانون التفكيك، والمواد 35 و36 و37 من قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال لسنة 2014، والمواد 50 و51 من القانون الجنائي لسنة 1991 تعديل 2020، وهو قرار يمثل انتهاكا صارخاً للقانون، ومحاولة مشبوهة لشرعنة القمع وخرق القانون.
وذكرت المنظمة أنه وبحسب إفادة أحد المحامين أن النيابة العامة أصدرت أوامر قبض بحق 56 شخصا، تم القبض على 12 منهم : نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية عبد القادر محمد علي، عميد كلية الطب جامعة القضارف دكتور جمال خالد، الدكتور حسبو محمد عبد الرحمن – نائب رئيس الجمهورية السابق، الصحفي حسين خوجلي عبد الإله – صاحب قناة فضائية “أم درمان” وصحيفة ” ألوان” وإذاعة “المساء”، داؤود محمد علي، حسن جعفر، محمد عبد الفضيل السني، أبوبكر دج، محجوب محمد نور، الشيخ علي محمود، علم الدين يحي، عوض شاويش، جاهد البرير وكافة المعتقلين مُنعوا من أخذ حاجياتهم الضرورية كالثياب والعلاج.
ولفتت المنظمة إلى أن المعتقلين بينهم كبار في السن ويعانون من ظروف صحية تحتاج إلى رعاية خاصة لا تتوافر في مقار احتجازهم كالدكتور حسبو محمد عبد الرحمن، والذي يعاني من ارتفاع ضغط الدم والتهاب حاد في الرئة، الصحفي حسين خوجلي عبد الإله والذي تجاوز السبعين من عمره، ويعاني من فقدان البصر بأحد العيون والسكري وارتفاع ضغط الدم ومريض بالقلب والشرايين، والمعتقلان داؤود محمد علي، حسن جعفر واللذان يعانيان من مرض السكري، والمعتقل عبد القادر محمد علي الذي تجاوز السبعين من عمره، أبوبكر دج، وجمال خالد وجميعهم يعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
وبينت المنظمة أنه وفي أعقاب الثورة السودانية شهد السودان تزايدا مقلقا في الاعتقالات التعسفية والاحتجاز غير القانوني، بالإضافة إلى سعي السلطات السودانية إلى شرعنة انتهاكاتها عبر قوانين معيبة تخالف الدستور السوداني والمواثيق الدولية ذات الصلة، وتهدر دولة القانون.
وأكدت المنظمة أن كافة الاعتقالات التي جرت لناشطين سياسيين أو صحفيين، أو أشخاص بسبب انتمائهم الفكري والسياسي، هو جزء من أزمة أوسع نطاقاً لحقوق الإنسان في السودان، حيث باتت حرية الرأي والتعبير جريمة ممنوعة، ويعاقب ذوي الرأي المخالف بالاعتقال والفصل من الوظيفة ومصادرة الأموال.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف جاد ضد الموجة الراهنة من الاعتقالات للخصوم السياسيين، وضد حرمان المعتقلين من حقهم في المحاكمة العدالة وضمان وفاء السودان بالتزاماته فيما يتعلق بحقوق الإنسان على نحو كامل، وإلغاء كافة القرارات والقوانين التي تم سنها لعقاب مجموعة من المواطنين لمجرد آرائهم السياسية المعارضة.