منذ بدء الاقتتال الداخلي في السودان بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في منتصف أبريل 2023، باتت أخبار قتل المدنيين السودانيين أخبارا شبه اعتيادية، خاصة في ظل عدم التزام أيا من الطرفين بالعهود والاتفاقيات الدولية، والتي كان آخرها اليوم 11/9/2023 مقتل 11 مدنيا إثر هجوم الجيش السوداني على منطقة مدنية جنوب الخرطوم تدعى سوق قورو.
أدى الهجوم أيضا إلى عشرات الجرحى الذين توافدوا إلى مستشفى تدعى بشائر والتي أعلنت احتياجها للكوادر الطبية بسبب كثرة توافد الجرحى، الأمر الذي يتكرر تقريبا في كافة مستشفيات السودان في المناطق التي تضربها الغارات بسبب قلة الموارد الطبية بشكل عام وتأثير الحرب بشكل خاص.
المعاناة السودانية لم تقف عند القتل والإصابات بسبب الهجمات من كلا الطرفين المسلحين وداعميهما، وانما تتعمق المعاناة الصحية خاصة، بسبب انتشار أوبئة مثل الكوليرا والملاريا وتحديات المجاعة والفيضانات، وتزيد ندرة المياه والكهرباء من هذه الأزمة.
وعلى الرغم من الوضع المأساوي في السودان إلا أن السلطات السودانية لا تتعاون مع الهيئات الإغاثية لتخفيف معاناة المدنيين، إذ يعاني أطباء مؤسسة “أطباء بلا حدود العالمية” بسبب عدم وجود تأشيرات وتصاريح إقامة للكوادر الطبية الجديدة وعدم تجديد تلك التصاريح للكوادر الطبية الموجودة بالفعل.
وفي ذات السياق منذ بداية الأحداث المأساوية حول طرفي الصراع 22 مستشفى إلى ثكنات عسكرية وأخلوا طواقمها بالقوة، وهوجمت أكثر من 19 مستشفى بالأسلحة الثقيلة، لينتج عن ذلك توقف 70% من المستشفيات المجاورة لمناطق النزاع كليا عن العمل، مما يضطر الأطباء السودانيون للعمل على إنشاء مستشفيات ميدانية تعمل بطواقم طبية تحتاج إلى الكوادر والتبرع بالدم والمستلزمات الطبية والأدوية بشكل دائم.
يقف المجتمع الدولي مجددا عاجزا يولي ظهره للضحايا دون الأخذ بأي من الوسائل المتاحة لإيجاد حل أو تخفيف الأزمات الإنسانية التي يواجهها السودانيون، إذ لم يفرض عقوبات على أي من الأطراف المتصارعة أو داعمي وممولي الجهات، ولم يجتمع مجلس الأمن من أجل إنهاء الأزمة ولم تصدر أي من القرارات الناجزة من أي من المنظمات الدولية لحماية المدنيين أو إيقاف الجرائم المتكررة ضدهم.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو جميع هيئات ومؤسسات المجتمع الدولي إلى العمل الجاد على تجنيب المنطقة والعالم كارثة إنسانية جديدة والتي بدأت بالفعل آثارها عبر موجات جديدة من النزوح واللجوء من السكان الذين كانوا يعانون أصلا من أوضاع اقتصادية صعبة، لتصير الحياة الآن في ظل الحرب مستحيلة، والتوصل إلى حل سلمي شامل يحفظ حقوق المدنيين وأرواحهم وإلزام الطرفين باحترام قوانين الحرب، ورفع كل العراقيل عن الهيئات الإغاثية التي تعمل في السودان.