تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، وضعاً إنسانياً بالغ الخطورة، حيث ما زال عدد كبير من المدنيين محاصرين داخل المدينة، وسط انقطاع شبه تام للتواصل مع العالم الخارجي، بحسب ما أكدته الأمم المتحدة.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، في مؤتمر صحفي بنيويورك، إن المدنيين “غير قادرين على مغادرة الفاشر”، مشيراً إلى مقتل المئات منهم، بينهم عاملون في المجال الإنساني.
ودعت الأمم المتحدة إلى إتاحة وصول فوري وغير مقيد للمساعدات الإنسانية إلى المدنيين العالقين داخل المدينة، مؤكدة أن استمرار عرقلة وصول المساعدات من قبل قوات الدعم السريع أمر “غير مقبول”.
وفي تطور مأساوي جديد؛ أعلنت شبكة أطباء السودان (أهلية مستقلة) مساء الاثنين، عن مقتل 7 أشخاص جراء قصف نفذته قوات الدعم السريع على مستشفى الأطفال في منطقة كرنوي بولاية شمال دارفور، من بينهم نساء وأطفال.
وقالت الشبكة في بيانها إن القصف أدى أيضاً إلى إصابة 5 آخرين بجروح خطيرة، بينهم طفلان كانا يتلقيان العلاج داخل المستشفى لحظة الاستهداف.
ووصفت الحادث بأنه “جريمة حرب مكتملة الأركان”، معتبرة أن استهداف مستشفى للأطفال يمثل وجهاً آخر لإرهابٍ ممنهج يستهدف المدنيين الأبرياء.
ويمثل استهداف المرافق الطبية، وخاصة تلك المخصصة للأطفال، انتهاكاً صريحاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر الهجمات على المنشآت المدنية والعاملين في المجال الطبي. كما أن حصار المدن وقطع الإمدادات الإنسانية يُعد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويُعرّض حياة آلاف المدنيين للخطر، لا سيما النساء والأطفال والمسنين.
ويكشف ما يجري في الفاشر اليوم عن نمط متكرر من العنف الممنهج ضد السكان المدنيين في مناطق النزاع بالسودان، حيث أصبحت المستشفيات والمدارس والمخيمات أهدافاً مباشرة أو غير مباشرة في الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023، وهو صراع أودى بحياة عشرات الآلاف وتسبب في نزوح أكثر من 13 مليون شخص داخل السودان وخارجه.
ويسلط تفاقم الأوضاع في الفاشر الضوء على حاجة ملحة لتدخل دولي فاعل لوقف الانتهاكات وضمان حماية المدنيين، وتفعيل آليات المساءلة القانونية عن الجرائم المرتكبة ضدهم. فاستمرار الصمت الدولي وعدم تحرك الأطراف المعنية يفتح الباب لمزيد من الانهيار الإنساني والأخلاقي في دارفور، ويجعل المدنيين يدفعون ثمناً فادحاً لصراعٍ لا ذنب لهم فيه.
			
















			








