تشهد مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور غربي السودان، كارثة إنسانية متصاعدة نتيجة الحصار المفروض عليها منذ أكثر من عام.
وفي هذا السياق؛ أعلنت شبكة أطباء السودان مساء الخميس وفاة 23 شخصاً، معظمهم من الأطفال والنساء، بينهم خمس نساء حوامل، جراء سوء التغذية خلال شهر أيلول/سبتمبر الجاري فقط.
وحمّلت الشبكة قوات “الدعم السريع” المسؤولية المباشرة عن الكارثة الإنسانية، بسبب استمرارها في فرض الحصار على المدينة منذ 10 مايو 2024 ومنعها دخول الغذاء والدواء، مشيرة إلى أن “كل يوم تأخير في رفع الحصار وإدخال المساعدات هو حكم بالإعدام الجماعي على المدنيين”.
ويؤكد القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية، أن تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب محظور بشكل مطلق، ويُصنَّف كجريمة حرب. كما يعتبر الحصار الذي يمنع دخول المواد الأساسية مثل الغذاء والدواء انتهاكاً صارخاً لحق المدنيين في الحياة والصحة.
وقد سبق لمجلس الأمن الدولي وهيئات الأمم المتحدة أن شددت على أن منع وصول المساعدات الإنسانية في النزاعات المسلحة يرقى إلى مستوى الانتهاكات الجسيمة التي قد تضع المسؤولين عنها تحت طائلة الملاحقة الجنائية الدولية.
ومنذ مطلع العام توفي 239 طفلاً منذ مطلع العام بسبب نقص الغذاء والدواء، وسط تحذيرات من أن استمرار الوضع الراهن ينذر بوقوع إبادة جماعية صامتة في الفاشر، حيث يواجه عشرات الآلاف من النساء والأطفال خطر الموت البطيء بسبب الجوع والمرض.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في منتصف أبريل 2023، قُتل أكثر من 20 ألف شخص وفق تقديرات الأمم المتحدة، فيما قدرت دراسة مستقلة أعدتها جامعات أمريكية عدد الضحايا بحوالي 130 ألف قتيل. كما نزح أو لجأ نحو 15 مليون شخص، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وتكشف أزمة الفاشر مجدداً حجم الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في دارفور، حيث أصبح التجويع سلاحاً منظماً في حرب مدمرة، في أوضاع تضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي بين الالتزامات القانونية والإنسانية من جهة، والواقع المأساوي لصمت مستمر يفاقم معاناة الضحايا من جهة أخرى.