تفاقمت المعاناة الإنسانية لنحو 1.5 مليون نازح في قطاع غزة بعد أن أغرقت الأمطار الغزيرة، المصحوبة بمنخفض جوي شديد، آلاف الخيام والملاجئ المؤقتة التي يعيشون فيها منذ قرابة عامين من الحرب التي شنّها الاحتلال على القطاع.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن الظروف الجوية العاصفة كشفت بوضوح هشاشة أوضاع النازحين، بعدما تحولت الخيام البالية إلى برك من المياه والطين، فيما اقتلعَت الرياح العاتية أجزاء واسعة منها، تاركة عشرات آلاف الأسر بلا أي مأوى يقيهم البرد والمطر.
وأوضح في بيان أن دخول فصل الشتاء “بقوة” أدى إلى تفاقم المأساة الإنسانية المستمرة منذ عامين، حيث يعيش النازحون في ظروف غير صحية، بلا حماية من الأمطار أو الرياح، في مشهد يجسد كارثة إنسانية تتسع يوماً بعد يوم.
وأشار البيان إلى أن معاناة سكان القطاع لم تتراجع رغم وقف إطلاق النار، إذ استمرت القيود المشددة التي يفرضها الاحتلال على دخول المساعدات، بما في ذلك الغذاء والدواء ومواد الإيواء واحتياجات إعادة الإعمار، وهو ما أدى إلى بقاء عشرات آلاف الأسر في العراء أو داخل خيام متآكلة.
ووفق تقديرات المكتب الحكومي؛ يحتاج القطاع إلى ما لا يقل عن 250 ألف خيمة و100 ألف كرفان لتأمين مأوى مؤقت للنازحين، خاصة أن معظم الخيام الحالية لم تعد صالحة للسكن، إذ بلغت نسبة الخيام التالفة نحو 93 بالمئة، بواقع 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفاً.
من جهته؛ قال جهاز الدفاع المدني الفلسطيني، إن عشرات الخيام في منطقة المواصي غرب خان يونس غرقت بالكامل بمياه الأمطار، مشيراً إلى أن طواقمه تعمل في ظروف بالغة الصعوبة للتعامل مع حالات الغرق وتقديم المساعدة للنازحين.
ويعيش النازحون أوضاعاً وصفها مراقبون بأنها انتهاك واضح للحق في السكن اللائق والحق في الحياة والكرامة الإنسانية، في ظل انعدام مقومات البقاء الأساسية وصعوبة الحصول على المياه والطعام والرعاية الصحية. كما أدى طول مدة التهجير القسري إلى تفاقم الأضرار النفسية والاجتماعية، خصوصاً بين الأطفال الذين يعيش معظمهم في خيام بلا عزل حراري أو حماية.
وتسببت حرب الاحتلال، التي بدأت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت لعامين، في مقتل أكثر من 69 ألف فلسطيني وإصابة ما يزيد عن 170 ألفاً، إلى جانب دمار هائل طال نحو 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية، بخسائر أولية تقدَّر بنحو 70 مليار دولار.
ومع أن اتفاق وقف إطلاق النار أنهى العمليات العسكرية، إلا أن آثار الإبادة لا تزال حاضرة في حياة ملايين المدنيين الذين يقاتلون اليوم للبقاء على قيد الحياة تحت الحصار والعوامل الطبيعية.
وتكشف الأزمة المتفاقمة في مخيمات النزوح عن انتهاكات جسيمة لمعايير القانون الدولي الإنساني، إذ يُفترض أن يحصل المدنيون في أوقات النزاعات على الحد الأدنى من الحماية التي تضمن لهم الحق في السكن الآمن، وتوفّر لهم بيئة معيشية تحفظ كرامتهم.
لكن واقع النزوح في غزة يظهر انهيارًا شبه كامل لهذه المعايير، حيث يعيش ملايين الأشخاص في ظروف قسرية، تعتمد على خيام مهترئة لا توفر أي حماية من الطقس، وقد تحولت الأمطار الأخيرة إلى اختبار قاسٍ كشف هشاشة كل ما تبقى لهم من مقومات الحياة.
كما تعكس هذه الوقائع إخفاقًا مستمرًا في الوفاء بالمسؤوليات الأخلاقية والقانونية تجاه السكان المدنيين، سواء من جهة القوة القائمة بالاحتلال التي تملك السيطرة الفعلية على المعابر والإمدادات، أو من جهة المجتمع الدولي الذي لم ينجح في ضمان وصول المساعدات أو توفير الحد الأدنى من الإغاثة الطارئة.
ويطرح هذا الوضع أسئلة ملحّة حول جدوى الآليات الدولية لحماية المدنيين في حالات النزاع، في ظل واقع يترك مئات آلاف النازحين يواجهون الأمطار والبرد والجوع تحت خيام بالية، بلا ضمانات ولا حماية ولا أفق واضح لإنهاء معاناتهم.





























