تتراجع حرية الصحافة في البلدان المضطربة أمنياً أكثر من غيرها، حيث تقوم السلطات بالتضييق على الصحفيين من خلال التهديد أو الحبس أو الاعتداء الجسدي الذي ربما يفضي أحياناً إلى الوفاة.
في مصر عقب الثالث من تموز 2013 تراجعت حرية الصحافة بشكل كبير فخلال تغطية الأحداث تعرض الصحفيون الساعون وراء الحقيقة الى انتهاكات جسيم أودت بحياة بعضهم وتعرضت قنوات للمنع وإغلاق مكاتبها.
في سورية فكانت الانطلاقة الفعلية لثورة الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد في 18 آذار/مارس 2011م، نقطة البدء لمضاعفة معاناة الصحفيين التي لم تكن غائبة عن المشهد السوري حتى قبل قيام الثورة.
يتعرض صحفيو سوريا لكل أشكال الاضطهاد والإساءة، ولا يكاد ينجو من ذلك إلا صحفيو النظام السوري الذين يحظون بحمايته ورعايته، لأنه يدرك تماماً أن هؤلاء الصحفيين يشكلون أداة إعلامية هامة لترويج رواياته حول الثورة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وليس الأمر في العراق بأحسن حالاً من مصر أو سورية، ويكفي أن نذكر بتقرير منظمة مرصد الحريات الصحفية العراقية في منتصف العام الماضي، حيث قالت إن حرية الصحافة في البلاد في سنة سابقة هي “الأسوأ منذ سقوط نظام صدام حسين في عام 2003”.
وفي فلسطين؛ معاناة متعددة الأشكال والجهات، فالسلطات الإسرائيلية لا ترحم الصحفيين، وحكومتا الضفة وغزة تعكس خلافاتهما السياسية على طريقة التعامل الفجة مع الصحفيين الذين تتعاظم لديهم الرقابة الذاتية خشية الاعتقال والمحاكمة.
وفي هذا التقرير الذي يصدر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة؛ ترصد المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا الحالة الصحفية في كل من مصر وسوريا والعراق وفلسطين.
في مصر
بعد الثالث من تموز 2013 قامت السلطة الإنتقالية بوضع دستور الجديد للبلاد ،ينص هذا الدستور في مادته رقم (70) على أن “حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة..”.وجاء في المادة (71): “يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها”.وتقول المادة (72): “تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الإجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام”.
وبالرغم من أن هذه المواد التي توحي بحماية السلطة لحرية الصحافة؛ إلا أن الواقع يدحض هذا الزعم، حيث تقوم السلطات بالتضييق على الصحفيين، وملاحقتهم، ومحاكمتهم، لمجرد تعبيرهم عن رأي يتضمن نقداً للسلطة القائمة.
وابتدأت السلطة عملها باعتقال عدد كبير من الصحفيين وإغلاق 8 قنوات فضائية ؛ هي مصر 25، والناس، والرحمة، والحكمة، والفتح، والخليجية، والحافظ، والفجر، بالإضافة إلى أنها قامت باقتحام مكتبي قناتي الجزيرة و”الجزيرة مباشر – مصر”، وقطعت البث عنهما، واحتجزت العاملين فيها لعدة ساعات.
محاكمات عسكرية
وتعرض عدد كبير من الصحفيين للإعتقال، وآخرون تم تحويلهم لمحاكمات عسكرية غير قانونية، ومن هؤلاء:
1. حاتم أبو النور، مراسل صحيفة الوطن، اعتقل في 25 أغسطس 2013 بتهمة انتحال صفة عسكرية خلال مقابلات هاتفية، وأصدرت محكمة شمال القاهرة العسكرية حكماً بحبسه سنة واحدة مع الشغل والنفاذ.
2. محمد صبري، مصور صحفي مسؤول عن موقع “فور سينا” الإخباري، اعتقل في 4 يناير 2013 بتهمة تصوير مواقع عسكرية، وأصدرت المحكمة العسكرية بالإسماعيلية حكماً بحبسه 6 أشهر مع وقف التنفيذ.
3. أحمد أبو دراع، مراسل صحيفة “المصري اليوم”، اعتقل في 4 سبتمبر 2013 بتهم الإساءة للجيش من خلال مقالاته، وأصدرت المحكمة العسكرية بالإسماعيلية حكماً بحبسه 6 أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 200 جنيه مصري (30 دولاراً أمريكياً).
4. صحفيو شبكة رصد الإخبارية، حيث اعتقلت السلطات المصرية عمرو سلامة القزاز، أحد مؤسسي الشبكة، بتاريخ 12 نوفمبر 2013 وقضت المحكمة العسكرية بمدينة نصر ببراءته بعد 5 أشهر من اعتقاله، بينما قضت المحكمة ذاتها بحبس مدير السوشيال ميديا بالشبكة إسلام الحمصي لمدة 3 أعوام، بالإضافة إلى حبس كل من مدير العلاقات العامة بالشبكة عمرو فراج، والمسؤول التقني عمر شاهين، لمدة 3 أعوام غيابياً، على خلفية التسريبات التي نشرتها شبكة رصد لوزير الدفاع السابق المشير عبدالفتاح السيسي.
وفي الآونة الأخيرة، انطلقت يوم 24 فبراير محاكمة عمرو القزاز وإسلام الحمصي، الصحفيين المتعاونين مع شبكة رصد الإخبارية، اللذين يمثلان أمام محكمة عسكرية بتهمة الكشف عن معلومات سرية وإهانة المشير السيسي، حيث رفض القاضي طلبهما بحضور محام ينوب عنهما في جلسة الاستماع الأولى.
قتل الصحفيين
ولم تكتف السلطة بإغلاق القنوات، واعتقال الصحفيين بشكل تعسفي وتحويلهم للقضاء، وإنما أطلقت العنان لقوات الأمن والعسكر، لاستهداف الصحفيين بالرصاص الحي، وقد قتل من الصحفيين عقب الثالث من تموز 10 صحفيين، وأصيب العشرات.
والصحفيون الذين قتلوا هم:
1. صلاح الدين حسن صلاح، مراسل صحيفة شعب مصر،قتل في ميدان الشهداء ببورسعيد على إثر انفجار قنبلة يدوية في 29 يوليو 2013.
2. أحمد عاصم السنوسي، مراسل صحيفة الحرية والعدالة، قتل في أحداث الحرس الجمهوري بتاريخ 8 يوليو 2013 .
3. حبيبة أحمد عبدالعزيز: مراسلة ومصورة صحيفة جولف نيوز الإماراتية، قتلت برصاصة في الرأس في أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة بتاريخ 14 أغسطس 2013.
4. مصعب الشامي: مراسل شبكة رصد الإخبارية، قتل برصاص قناص في أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة.
5. مايك دين: مصور قناة سكاي نيوز الأمريكية، قتل برصاصة في القلب، في أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة.
6. أحمد عبد الجواد، مراسل صحيفة الأخبار، توفي في المستشفى متأثراً بإصابته بطلق ناري، في أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة.
7. محمد سمير، مخرج بقناة النيل للأخبار، قتل أثناء تغطيته لأحداث ميدان رمسيس أمام قسم الأزبكية في 17 أغسطس 2013 .
8. تامر عبد الرؤوف، مراسل صحيفة الأهرام، قتل إثر إطلاق النار عليه من قوة تابعة للجيش أمام محافظة البحيرة، بتاريخ 19 أغسطس 2013 .
9. محمد الديب، مخرج ومصور، ومؤسس رابطة فناني الثورة، اغتيل في سيارة ترحيلات أبو زعبل في 18 أغسطس 2013.
10. ميادة أشرف، صحفية بجريدة الدستور، قتلت برصاص الأمن المصري في الرقبة أثناء تغطيتها مسيرة رافضة للانقلاب بمنطقة عين شمس شرق القاهرة، بتاريخ 28 مارس 2014.
صحفيو الجزيرة
كما تعرضت مكاتب وطواقم شبكة الجزيرة في مصر لمضايقات عديدة، بدأت في الثالث من تموز باقتحام مكتب الجزيرة ومصادرة الحواسب وأجهزة التصوير والبث، كما داهمت قوات الأمن مكتب قناة “الجزيرة مباشر مصر” واحتجزت 28 من موظفيها لعدة ساعات.
وفي 12 يوليو 2013 تم توقيف خمسة من طاقم الجزيرة الإنجليزية في السويس لعدة ساعات.
وفي 29 يناير من عام 2014؛ أحالت النيابة العامة المصرية 20 صحفياً منهم أربعة من شبكة الجزيرة إلى المحكمة الجنائية بتهم “نشر معلومات كاذبة.
كما اعتقل مصور “الجزيرة مباشر- مصر” محمد بدر أثناء تغطيته لما يعرف بأحداث رمسيس التي وقعت منتصف يوليو الماضي، وأفرج عنه في فبراير 2014 بعد أن برأته المحكمة من تهم الشروع في القتل، وتحدث في مؤتمر صحفي عن ممارسات مهينة وتعذيب للصحفيين المعتقلين وغيرهم من القابعين في سجون السلطة.
وتعرض عدد آخر من صحفيي الجزيرة للاعتقال في مصر بسبب عملهم، لا يزال أربعة منهم في السجون المصرية، وهم:
1. عبد الله الشامي مراسل قناة الجزيرة، اعتقل على خلفية تغطية فض قوات الأمن لاعتصام أنصار مرسي في ميدان رابعة العدوية بتاريخ 14 أغسطس 2013، وما زال في “الحبس الاحتياطي” منذ ذلك الحين، حيث رفضت النيابة العامة الإفراج عنه بكفالة، رغم دفع محامي “الجزيرة” بانتفاء مبررات الحبس الاحتياطي، ويخوض الشامي إضراباً عن الطعام منذ 22 يناير 2014.
2. الأسترالي بيتر غريستي، الحائز على جائزة “المراسل الأجنبي من شرق إفريقيا”، ويعمل في قناة الجزيرة الانجليزية.
3. محمد عادل فهمي، مدير مكتب القاهرة، ويحمل الجنسيتين الكندية والمصرية، ويعمل في قناة الجزيرة الانجليزية.
4. باهر محمد، ويعمل في قناة الجزيرة الانجليزية.
إضافة إلى ما سبق؛ فقد شنت عدة وسائل إعلام مصرية حملات إعلامية ضد شبكة الجزيرة، متهمة إياها بمعاداة مصر وما يسمى بـ”ثورة 30 يونيو”، كما طُرد مدير مكتب الجزيرة في القاهرة عبد الفتاح فايد من مؤتمر صحفي لوزارة الداخلية في 9 يوليو الماضي، ومنذ ذلك التاريخ تمنع السلطات مراسلي الجزيرة من تغطية المؤتمرات الصحفية الرسمية.
كما صادرت السلطات المصرية استثمارات شبكة الجزيرة التي بدأتها في مصر عام 2001، وقدرت الشبكة خسائرها المالية جراء تصرفات الحكومة المصرية المؤقتة بما يفوق 150 مليون دولار أمريكي.
في سوريا
تصنف سوريا لدى الهيئات الحقوقية في العالم؛ أخطر بلد على الصحفيين، فوفقاً للجنة الحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين، فقد بلغ عدد القتلى في صفوف الإعلاميين منذ 18 مارس 2011 وحتى نهاية شهر مارس 2014: 236 إعلامياً وصحفياً، فيما بلغ عدد الصحفيين المختطفين أكثر من 80 صحفياً.
وفي ظل صمت المجتمع الدولي؛ يتعرض الصحفيون في سوريا لاعتداءات يومية، تجعل تغطيتهم للواقع السوري شبه مستحيلة، حيث تلازمهم مشاعر القلق والخوف من القتل أو الضرب أو التعذيب أو الاعتقال أو الاختطاف والاختفاء القسري، حتى يخال المراقبون أن الصحفيين العدو الأول للنظام الذي لم يحترم حق حرية التعبير، ولم يقم بأدنى واجباته في حماية الصحفيين.
ويقوم النظام السوري بقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بالبراميل المتفجرة، وهذا القصف لا يفرق بين صحفي وغيره، فهو يستهدف الجميع، في حالة ترقى إلى جرائم الحرب التي تستوجب العقوبة دولياً.
لكن ما يميز الصحفي أنه ينتقل إلى المناطق الأكثر سخونة، ويخاطر بحياته من أجل نقل حقيقة ما يجري في سوريا إلى العالم الخارجي، وهذا يجعله معرضاً بشكل أكبر إلى خطر الموت.
معاذ الخالد.. واحد من مئات
الصحفي معاذ الخالد (23 عاماً) كان طالباً في كلية الإعلام في جامعة دمشق، قبل أن يصدر قرار فصله منها لنشاطه الثوري، رغم ما عُرف عنه من تميز واجتهاد.
بعد انطلاق الثورة السورية؛ اضطلع الخالد بواجبه الإعلامي في تغطية التظاهرات المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وعلى إثرها اعتقل من قبل فرع الأمن السياسي في منطقة الميسات بدمشق، التابع لوزارة الداخلية السورية، بتاريخ 6 مايو 2012، حيث اقتحمت القوات الأمنية منزله الكائن في منطقة مساكن برزة بدمشق، واعتقلته بتهمة المشاركة في نقل أخبار التظاهرات التي كانت تخرج في حيه.
تنقل الخالد بين عدة سجون وفروع أمنية، حيث تم نقله من فرع الميسات إلى سجن قيادة الشرطة، وبعدها إلى صيدنايا الشهير، ليستقر به الحال في العزل السياسي بسجن عدرا.
استمرت عائلة الخالد في السؤال عنه، وقام ناشطون بإنشاء صفحات تطالب بالكشف عن معلومات حول حالته الصحية، وسط أنباء عن إصابته بمرض عصبي وفقدان للذاكرة نتيجة الضرب الشديد الذي تعرض له أثناء اعتقاله.وفي تاريخ 1 مارس 2014 أبلغت السلطات عائلة الخالد بضرورة الحضور لاستلام جثة ابنهم الذي فارق الحياة.
هذا مثال من مئات الأمثلة من استهداف الصحفيين الذي يقوم به النظام السوري ضمن خطة ممنهجة لوأد حرية الصحافة، وليست حالة فردية عابرة، وما هجرة العديد من الصحفيين السوريين إلى بلدان مجاورة، وممارسة عملهم الإعلامي من خارج البلاد؛ إلا دليل من أدلة كثيرة على الحالة المتدهورة التي تعيشها الساحة الصحفية في سوريا.
آخر الضحايا
بلال أحمد بلال، من مواليد 1984، متزوج ولديه طفلان، عمل مخرجاً في قناتي الرأي وفلسطين اليوم، وهو من أهالي معضمية الشام بريف دمشق.
اعتقلته المخابرات الجوية السورية في 14 سبتمبر 2011 في مدينة داريا القريبة من دمشق، بتهمة تصوير المظاهرات، ثم عرض على محكمة عسكرية قضت عليه بالحبس لمدة 15 عاماً.
زُجَّ ببلال في سجن صيدنايا بدمشق، ولم تتمكن عائلته من زيارته سوى مرة واحدة في ديسمبر 2013، وأفادت العائلة عقب الزيارة بأنه في حالة صحية حرجة، حيث إنه لا يتمكن من الوقوف على رجليه، وتبدو علامات التعذيب واضحة على وجهه ورقبته ويديه وقدميه.في 30/4/2014 تلقت عائلة بلال اتصالاً هاتفياً من قبل أحد الفروع الأمنية، يطلب منها القدوم لتسلم شهادة وفاته.
المناطق المحررة
وفي الجهة المقابلة؛ فإن بعض المناطق التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة من المعارضة السورية، وتسميها “المناطق المحررة”؛ ترتكب فيها انتهاكات بحق الصحفيين.
ومن أواخر تلك الانتهاكات اختطاف جماعة “الدولة الإسلامية في العراق والشام” المعروفة بـ”داعش” للناشط الإعلامي حسان الحمدو المشهور بـ”أبو أيهم”، بتاريخ 24 مارس 2014، واحتجاز ميليشيا “الآسايش” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، للإعلامي إسماعيل علي المراسل في فضائية “زاغروس”، وزميله المصور سكفان أمين، بتاريخ 30 مارس 2014، ومنعهما من إعداد تقرير تلفزيوني.
وفي 19 إبريل 2014 أفرج عن أربعة صحفيين فرنسيين، اختطفتهم “داعش” في يونيو 2013 بسوريا، وقامت جماعة غير معروفة بنقلهم إلى الحدود التركية وهم مقيدو الأيدي ومعصوبو الأعين، ليتم العثور عليهم هناك.
والصحفيون الأربعة هم: المراسل الحربي المخضرم ديدييه فرانسوا الذي يعمل في إذاعة “أوروبا 1″، والمصور إدوار إلياس، ونيكولا أنين الذي يعمل في مجلة “لو بوان”، والصحفي في قناة آرت الفرنسية الألمانية بيير توريس.
ومنذ اندلاع الصراع في سوريا قبل أكثر من ثلاث سنوات؛ تم اختطاف حوالي ثلاثين صحفياً أجنبياً، تم الإفراج عن عدد منهم، في حين لا يزال آخرون قيد الاحتجاز.
في العراق
عقب سقوط نظام الرئيس صدام حسين في 9 نيسان 2003 دخلت العراق في دوامة من الصراعات والاضطرابات الأمنية، ولم تكن أكثر من عشر سنوات كافية لتستقر الأوضاع، بما يجعل البيئة مناسبة لعمل صحفي حر، بعيد عن الخطورة والتهديد.
تشهد الساحة الإعلامية في العراق اعتداءات وانتهاكات بحق العمل الصحفي، في وقت لا تضطلع فيه السلطة بواجبها في حماية الإعلاميين والهيئات التي يعملون فيها، بل إنها تشكل أحد أهم أدوات الضغط على العمل الإعلامي، في وقت يحتل العراق فيه المركز الأول في قائمة البلدان التي تمر فيها جرائم قتل الصحفيين بلا عقاب.
لقد باتت مهنة الصحافة والإعلام الأخطر في العراق، فمنذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين، وحتى أوائل عام 2014 قتل 274 صحفياً ومساعداً إعلامياً، منهم 162 صحفياً قتلوا بسبب عملهم الصحفي، و62 فنياً ومساعداً إعلامياً، فيما اتسمت بقية العمليات التي راح ضحيتها الصحفيون والفنيون الآخرون بالغموض.كما أختُطف 65 صحفياً ومساعداً إعلامياً، تمت تصفية غالبيتهم جسدياً،ولا يزال 14 منهم في عداد المفقودين.
أحمد الربيعي والقتل البطيء
إن معظم الجرائم التي ترتكب في حق الصحفيين لا يتم الكشف عن مرتكبيها، حيث ترتكبها ميليشيات مسلحة تعمل تحت حماية أحزاب متنفذة، أو برعاية من جهات حكومية وأجهزة أمنية وعسكرية رسمية، وهذا ما يفسر عدم تحرك السلطات للكشف عن الجناة.
في 11 فبراير 2014 مثلاً أعلنت صحيفة الصباح الجديد توقفها عن الصدور حماية لهيئة تحريرها التي تتعرّض للتهديد والانتقام، بسبب تنفيذ رسامها أحمد الربيعي رسم كاريكاتير للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أثار غضب أتباعه فقام نواب في البرلمان العراقي بالتحريض على خروج الاحتجاجات ضد الصحيفة، وبالفعل خرجت تظاهرات باتجاه مقر الصحيفة، وقام محتجون بتفجير عدة عبوات ناسفة في مبناها.
تعرض الرسام الربيعي لعدة تهديدات علنية بالقتل، فقرر الهروب من بغداد إلى أربيل، تاركاً مشاريعه الفنية وزملاءه وأصدقاءه ومقر عمله، لعله يتخلص من الرعب الذي سيطر على حياته جراء تلك التهديدات.
سيطر الشعور بالعزلة على الربيعي، خصوصاً أن صحيفته التي يعمل بها خشيت من نشر رسوماته مجدداً، فتفاقم التهاب رئوي كان يعاني منه، وتعرض إلى التجلط الرئوي ثلاث مرات، إلى أن لقي حتفه في 12 آذار 2014 بإحدى مستشفيات إقليم كردستان العراق إثر إصابته بالتهاب رئوي حاد.
حالة الربيعي تبين جانباً المخاطر التي يواجهها العاملون في المجال الصحفي بالعراق، وسط تنصل السلطات من حماية الصحفيين، ليصبح التهديد بالقتل، والتهجير القسري، والموت البطيء، من أجل رسمة، أمر عادي جداً.
مهنة محفوفة بالمخاطر
إن مناخ العمل الصحفي في العراق، يتسم بالخطورة اليومية التي تجدد مخاوف الصحفيين من الاستهداف، وتعيق عملهم بحرية، فهم يعملون بين تهديدات بالقتل، أو الاعتقال، أو الضرب والسحل، أو السب والشتم.
ففي 9 أبريل، قتل المصور الصحفي لقناة التغيير الفضائية، همام محمد، على إثر سقوط قذيفة هاون على منزله في مدينة الرمادي.
وفي 10 أبريل، اعتقل الأمن العراقي مدير إذاعة صوت الأنبار الصحفي عمار العلواني، وبعد ثمانية أيام من اعتقاله أطلقت سراحه بعد يوم من إعلان فرع نقابة الصحفيين في الأنبار تعليق عمله إلى إشعار آخر، وقال رئيس الفرع أحمد الراشد إن الاعتقال التعسفي للعلواني جاء على إثر “فضحه لملفات الفاسدين في المحافظة، واستغلالهم للمال العام والمشاريع الخدمية من أجل مصالحهم الشخصية والحزبية، والترويج لحملاتهم الانتخابية”.
وفي 10 أبريل أيضاً؛ اعتدى حرس محافظ ديالى عامر المجمعي، بأمر منه، على مراسل قناة الغدير الفضائية، كريم القيسي، وقاموا بضربه وسحله لمسافة 50 متراً.
وفي 15 أبريل، اعتقلت قوات الأمن العراقية الأستاذ الجامعي ومدير تحرير جريدة المؤتمر الدكتور سعيد عبد الهادي، فور خروجه من جامعة بغداد.
وفي 24 أبريل، تعرض فريق قناة الحرة الفضائية في كربلاء للاعتداء والشتم من قبل مجهولين، أثناء تغطيتهم لمظاهرة قام بها معلمو كربلاء ضد التجاوزات المتكررة على الكوادر التعليمية في المحافظة، وقد قالت مراسلة قناة الحرة إيمان بلال إن الاعتداء جرى على مرأى ومسمع من قوات الشرطة العراقية التي لم تحرك ساكناً.
وفي 28 أبريل، أصيب 6 صحفيين بانفجار عبوة ناسفة استهدف حافلة كانت تقلهم لتغطية الإنتخابات شمالي الموصل.
وفي 30 إبريل، أصيب الصحفي بوكالة “بيامنير” هيرشيان ياسين بجروح بليغة في إطلاق نار قبالة أحد المراكز الانتخابية وسط كركوك.
إن هذه الجرائم في حق الصحفيين تستوجب تحركاً عاجلاً من قبل السلطات لحمايتهم، ووضع حد لترهيب الصحفيين والاعتداء عليهم وتسليط سيف القضاء عليهم، والحفاظ على حرية التعبير التي كفلتها القوانين والمواثيق الدولية.
فلسطين
تمتد مساحة الانتهاكات التي ترتكب بحق الصحفيين الفلسطينيين لتشمل الأراضي المحتلة عامي 1948 و1967 بالإضافة إلى قطاع غزة.
كحال الشعب الفلسطيني؛ يواجه الصحفيون الفلسطينيون القتل، أو الإصابة بجروح أو اختناق، أو الاعتقال، أو التعذيب، أو منع التغطية والتنقل والسفر، أو الإقامة الجبرية، أو مصادرة وتحطيم المعدات، أو مداهمة المنازل والمكاتب الصحفية.
في هذه الأجواء المتلبدة بالخوف والقلق والتهديد والتضييق؛ يمارس الصحفيون الفلسطينيون مهنتهم، ويواجهون في سبيل ذلك شتى صور الانتهاك لحرية التعبير، ففي عام 2013 ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 232 انتهاكاً في حق الصحفيين الفلسطينيين، ومن أهم تلك الانتهاكات مقتل محمود عادل الطيطي (25 عاماً) مراسل شبكة الأحرار المحلية، وذلك في 12 مارس 2013 خلال مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم الفوار بالخليل.
ونستعرض بعض انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين الفلسطينيين في شهر إبريل المنصرم:
ففي 4 أبريل أصيب الصحفي حنان قسيس بقنبلة غاز أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي عليه بشكل مباشر أثناء مواجهات مع الفلسطينيين في محيط معتقل عوفر ببلدة بيتونيا قرب رام الله.
وفي 11 أبريل أصيب صحفي بكسر في قدمه جراء إصابتها بشكل مباشر بقنبلة غاز مسيل للدموع، وذلك أثناء مواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وفلسطينيين شمال قطاع غزة، ولكن المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة أشرف القدرة لم يصرح باسم الصحفي المصاب.
وفي 12 أبريل اعتقلت السلطات الإسرائيلية الصحفي مجد كيال (23 عاماً)، المسؤول عن الموقع الإلكتروني لمركز “عدالة” لحقوق الإنسان، أثناء عودته من بيروت إثر مشاركته في مؤتمر بمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيس صحيفة السفير اللبنانية، واتهم كيال بإجراء لقاءات مع “جهات معادية”، وهو ما نفاه مركز “عدالة” الذي اتهم السلطات الإسرائيلية باعتقاله دون وجه حق، ومنعه من مقابلة محاميه. وفي 17 أبريل؛ أصدرت محكمة حيفا المركزية حكماً بالإقامة الجبرية لمدة ستة أيام على الصحفي الفلسطيني مجد الكيال، بعد أن قررت الإفراج عنه إلى حين موعد محاكمته.
وفي 22 أبريل أصيب الصحفي عبدالحفيظ الهشلمون في ساقه بشطايا قنبلة أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي على تجمع لطلبة في جامعة الخليل.
وفي 25 أبريل أصيب مصور وكالة الأناضول التركية معاذ مشعل بأعيرة معدنية مغلفة بالمطاط، أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي من مسافة قريبة باتجاهه، خلال تغطيته مسيرة أسبوعية تخرج في قرية النبي صالح شمال غرب رام الله.
انتهاكات السلطة الفلسطينية
تسجل انتهاكات السلطة الفلسطينية للصحفيين تصاعداً مطرداً عبر ملاحقة واعتقال واستدعاء وتهديد الصحفيين، وبلغت تلك الانتهاكات في العام 2013 المنصرم حوالي 50 انتهاكاً.
ويتعرض الصحفيون الفلسطينيون على يد السلطة الفلسطينية لمضايقات أدت إلى تقييد حرية التعبير، في ظل إفلات حقيقي من العقاب، يعطي انطباعاً عن أن هذه المضايقات صادرة عن منهجية سياسية تسلكها السلطة، حيث يتم تكميم أفواه الصحفيين غير المحسوبين عليها، خصوصاً المنتمين لبعض الفصائل السياسية التي توجد بينها وبين السلطة خلافات ومناكفات.
في 28 أبريل 2014 مثلاً، وبعد توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس؛ اعتقل جهاز الأمني الوقائي بمدينة طولكرم التابع للسلطة التي تسيطر عليها حركة فتح، الصحفي يوسف عبد اللطيف شلبي (23 عاماً) من بلدة عتيل بالمحافظة، بعد استدعائه للمقابلة، وهو أسير محرّر أفرجت عنه سلطات الاحتلال قبل أقل من شهرين من سجونها، وسبق له أن اعتقل عدّة مرات لدى أجهزة أمن السلطة على خلفية انتمائه لحركة حماس.
وبالرغم من ارتفاع أصوات المنظمات الحقوقية المطالبة بضرورة احترام حق الصحفيين بممارسة عملهم بكل حرية؛ إلا أن السلطة تضرب صفحاً بكل ذلك، ولا تتخذ أية إجراءات ملموسة في هذا الإطار.
ومع أن الضفة الغربية تعاني وضعاً استثنائياً بوجود الاحتلال الإسرائيلي فوق أراضيها، إلا أن السلطة الفلسطينية لم تراع ظروف شعبها، وزادت عبء الاحتلال بعبء آخر، وهو التضييق على الحريات، وانتهاك الحق في التعبير عن الرأي.
محمد منى.. حكم مزدوج
محمد منى، مراسل لدى وكالة قدس برس أنترناشيونال للأنباء، اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي 4 مرات، وأمضى في سجون “إسرائيل” 5 سنوات، كما تعرض للاعتقال من قبل أمن السلطة الفلسطينية أكثر من مرة على خلفية عمله الصحفي.
آخر الاعتقالات كانت فجر يوم الأربعاء 7 أغسطس 2013 حيث اعتقله قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد مداهمة منزله وتفتيشه والعبث بمحتوياته ومصادرة بعض مقتنياته الخاصة، ومنذ ذلك الحين؛ يعاني منى من تبعات الاعتقال الإداري الذي يتجدد بناءً على مزاجية الضابط العسكري الإسرائيلي.
8 أشهر مرت على “منى” وهو معتقل بدون أية محاكمة أو توجيه تهمة إليه، يُحرم فيها من حرية العمل الصحفي التي كفلتها المواثيق الدولية.
لم تشفع قسوة الظروف التي يعيشها محمد منى له لدى السلطة الفلسطينية، حيث أقدمت محكمة الصلح التابعة للسلطة في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بإصدار حكم غيابي عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر بتهمة “إثارة النعرات الفلسطينية”، وذلك بتاريخ 3 أبريل 2014.
في 24 أبريل بدأ “منى” إضراباً مفتوحاً عن الطعام مع بقية الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، للمطالبة بوقف سياسة الاعتقال الإداري بدون توجيه تهم، حيث يعتقل قرابة 200 أسير فلسطيني تحت طائلة ما يسمى بـ”الاعتقال الاداري”، وتمدد فترات اعتقالهم لأكثر من مرة دون محاكمة.
قصة الصحفي محمد منى تبين إلى أي مدى وصلت سياسة تكميم الأفواه في فلسطين، وكيف يعمل الاحتلال والسلطة الفلسطينية على ثني الصحفيين عن العمل وفق معايير مهنية، من خلال إرهابهم من خلال الاعتقال التعسفي والإداري، والمحاكمات الغيابية.
حكومة غزة
على الرغم من الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل ومصر على قطاع غزة وأثر ذلك على ممارسة مهنة الصحافة قامت الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المقالة بالتضييق على عدد من الصحفيين واستدعائهم وتوقيفهم واستجوابهم .
آخر هذه الانتهاكات التي ارتكبت في حق الصحفيين من قبل حكومة غزة؛ ما تعرض له مراسل قناة الفرات العراقية، الصحفي أيمن العالول من اعتقال وإهانة.
تم استدعاء العالول بتاريخ 6/4/2014 من قبل الأجهزة الأمنية في غزة ليومين على التوالي، بسبب فيديو مصور يسخر فيه من الوضع السياسي القائم في القطاع، أثناء تغطيته لمهرجان أقامته حركة حماس، واتهم بـ”إهانة الشهداء”.
تم احتجاز العالول في المركز الأمني من التاسعة صباحاً وحتى السابعة مساءً، تعرض خلال ذلك لسوء معاملة، تمثلت بوضعه في حجز انفرادي، ومصادرة حاجياته الشخصية، ونقله إلى مبنى الجوازات في سيارة جيب مكشوفة بقصد التشهير به أمام معارفه، بحسب شهادته.
وفي 11 أبريل تم فصل الصحفية عروبة عثمان من وكالة الرأي التابعة لوزارة الداخلية في حكومة غزة، بسبب نشرها تقريراً ينتقد حملة أطلقتها الوزارة.
عروبة كانت وجهت انتقادات لحملة “ضباط على منابر رسول الله” التي أشرفت عليها داخلية غزة، حيث سمحت من خلالها لبعض الضباط بأداء خطبة صلاة الجمعة بلباسهم العسكري، فكان مصيرها الفصل من عملها.
توصيات
على الحكومات في الدول العربية الإلتزام بحماية حرية التعبير، والتوقف عن الإعتقال التعسفي الذي يمارس بحق الصحفيين،وفي الدول التي ذكرت آنفا فإن الأمر يحتاج إلى ضغط دولي لحمل السلطات في هذه الدول على احترام حرية الصحافة ووقف الإنتهاكات.
المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تنص على أن “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية”.
لا يجوز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وعلى السلطات التوقف عن عرض الصحفيين على هذه المحاكم غير القانونية التي لا تقدم أية ضمانات للعدالة، فمن حق أي متهم الدفاع عن نفسه أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة، طبقاً للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
يجب أن تلتزم السلطات في البلدان العربية بإجراء تحقيقات مستقلة في حالات التعذيب وسوء المعاملة الذي يمارس في حق الصحفيين، طبقاً للمادة 12 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والتي تقول: “تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملاً من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية”.
يتحتم على السلطات حماية الصحفيين من أي اعتداء طبقاً للمادة 79 من البروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف لعام 1949 والتي تؤكد على أن الصحفيين الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة يعدون أشخاصاً مدنيين، يجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات.
على السلطات تعديل القوانين التي تضيق على العمل الصحفي بحجج تتعلق بمكافحة الإرهاب، بحيث يقتصر تعريف الجرائم الإرهابية على الأنشطة التي تستخدم العنف المميت أو الخطير ضد المدنيين.
على السلطات المصرية الإفراج عن كافة الصحفيين المعتقلين وتقديم الرعاية الصحية العاجلة للصحفي عبد الله الشامي المضرب عن الطعام منذ أكثر من 100 يوم.
على المجتمع الدولي توفير الحماية اللازمة للصحفيين العاملين في فلسطين المحتلة وفقا لما هو منصوص عليه في
والمواثيق الدولية.
يجب على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحكومة غزة، توفير المناخ المناسب للصحفيين ليقوموا بدورهم بمهنية، وعليهما التوقف عن اعتقال الصحفيين بناء على انتمائهم السياسي..