في وقتٍ تتسارع فيه وتيرة النزاعات المسلحة في المنطقة، وتغيب فيه المساءلة الدولية عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين؛ جاءت الغارات الأمريكية الأخيرة على اليمن لتفتح فصلاً جديداً من التصعيد الدموي في اليمن، موقعة مئات القتلى والجرحى.
وفي هذا السياق؛ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة، الخميس والجمعة الماضيين، على ميناء رأس عيسى ومحيطه، مشيراً إلى سقوط عشرات الضحايا المدنيين، بينهم خمسة من العاملين في المجال الإنساني.
ولفت بيان صادر عن المتحدث باسمه غوتيريش، ستيفان دوجاريك، إلى أن المرافق الصحية القريبة حُشدت لتقديم المساعدات العاجلة، بينما أظهرت التقارير الأولية أضراراً بالغة في بنية الميناء التحتية، وسط مخاوف من تسرب نفطي محتمل في البحر الأحمر.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة الحوثيين أن حصيلة القتلى بلغت 80 شخصاً، إلى جانب إصابة 150 آخرين، معظمهم من موظفي الميناء وعناصر الإسعاف الذين سارعوا لإنقاذ الضحايا. وبحسب المصدر ذاته، فإن الحصيلة مرشحة للارتفاع مع استمرار عمليات الإنقاذ تحت الأنقاض.
ومنذ 15 مارس/آذار الماضي، رصدت تقارير إعلامية مئات الغارات الأمريكية على الأراضي اليمنية، أسفرت عن مقتل 205 مدنيين وإصابة 406 آخرين، معظمهم أطفال ونساء.
وتُعد استهدافات المدنيين والمنشآت الحيوية، ومنها الموانئ والمرافق الصحية والإنسانية، انتهاكاً واضحاً لاتفاقيات جنيف التي تحظر الهجمات العشوائية أو المفرطة ضد الأعيان المدنية.
ويأتي هذا العدوان في سياق أوامر أصدرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن “هجوم كبير” ضد الحوثيين، تزامناً مع استمرار الجماعة في قصف سفن متجهة إلى موانئ الاحتلال وقواعده في المنطقة، رداً على ما تصفه بـ”العدوان على غزة”.
فمنذ تنصل الاحتلال من اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس/آذار الماضي، استأنف حربه على قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل 1,783 فلسطينياً وإصابة 4,683 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، وفق إحصائية حديثة لوزارة الصحة في غزة.
وتضاف هذه الأرقام إلى الحصيلة المروّعة التي سجلتها الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة نحو 168 ألف فلسطيني، بينهم آلاف الأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، في سياق إبادة جماعية تجري بدعم أمريكي مطلق.
ووسط هذه التطورات؛ تبرز الحاجة الملحة إلى وقف العدوان على المدنيين في اليمن وغزة على حد سواء، وتفعيل آليات دولية جادة لمساءلة المسؤولين عن هذه الجرائم والانتهاكات.