تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على الضفة الغربية، مستهدفة بشكل مركز مدينتي جنين وطولكرم ومخيميهما، حيث دخل العدوان على جنين يومه الـ33، بينما استمر الحصار والاعتداءات على طولكرم ومخيم نور شمس لليوم الـ27، مخلفاً دماراً واسعاً ونزوح آلاف الفلسطينيين من منازلهم تحت وطأة القصف والتخريب الممنهج.
في جنين؛ صعّد الاحتلال عدوانه عبر تعزيزات عسكرية ضخمة مصحوبة بجرافات وآليات مدرعة وصهاريج مياه وغرف محصنة، حيث نفذت قواته عمليات تدمير واسعة داخل أحياء المخيم، ما أدى إلى تغيير معالمه الجغرافية بشكل كبير.
ولم تقتصر الاعتداءات على البنية التحتية، بل طالت منازل الفلسطينيين التي تم الاستيلاء على عدد كبير منها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، ما جعل حياة السكان شبه مستحيلة وسط الحصار والدمار.
وقد تسبب هذا العدوان في نزوح نحو 3,000 عائلة، في ظل تصاعد وتيرة العنف واستهداف المدنيين بشكل مباشر، وكان آخر ضحاياه الطفلة ريماس العموري البالغة من العمر 13 سنة، التي قُتلت برصاص الاحتلال أثناء وقوفها أمام منزلها.
ومع استمرار العدوان، ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين في جنين إلى 27، إضافة إلى عشرات الجرحى والمعتقلين.
وفي طولكرم؛ يواصل الاحتلال عدوانه وحصاره للمدينة ومخيميها، حيث يفرض طوقاً أمنياً مشدداً منذ أكثر من 14 يوماً. وأسفر هذا العدوان عن نزوح أكثر من 16 ألف فلسطيني، في واحدة من أكبر موجات التهجير القسري في الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة.
كما أدى القصف والاقتحامات المتكررة إلى دمار واسع في البنية التحتية وانقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات عن العديد من المناطق، مما فاقم معاناة السكان المحاصرين.
وخلال هذا العدوان؛ قُتل 12 فلسطينياً، بينهم طفل يبلغ من العمر سبع سنوات، وامرأتان، إحداهما كانت حاملاً في شهرها الثامن، وكان آخرهم الشاب أحمد عواد الذي ارتقى بعد صدم آلية عسكرية إسرائيلية لمركبته.
ويمثل ما يمارسه الاحتلال في الضفة الغربية انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية، حيث تحظر المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة النقل القسري للسكان تحت أي ظرف كان، كما تحظر المادة 53 من الاتفاقية نفسها تدمير الممتلكات الخاصة أو الاستيلاء عليها إلا إذا كان ذلك ضرورياً للغاية للعمليات العسكرية. إضافة إلى ذلك، يصنف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التهجير القسري والاستهداف المباشر للمدنيين ضمن جرائم الحرب، وهو ما يجعل الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية تستوجب المحاسبة الدولية.
ورغم التحذيرات الدولية المتكررة؛ يواصل الاحتلال عدوانه دون أي مساءلة قانونية، حيث توفر الحماية للمستوطنين الذين يشنون اعتداءات يومية على الفلسطينيين، وسط تقارير تؤكد وجود تنسيق ميداني بين جيش الاحتلال والمستوطنين خلال تنفيذ الهجمات. وقد وثقت الأمم المتحدة استمرار اعتداءات المستوطنين بمعدل خمس هجمات يومياً خلال الأسبوع الأخير، مما أدى إلى مزيد من التهجير والتدمير في مناطق واسعة من الضفة الغربية.
وأمام هذه الجرائم المتواصلة؛ تتزايد المطالبات الحقوقية بضرورة تحرك المجتمع الدولي لوضع حد لعدوان الاحتلال وتوفير الحماية العاجلة للفلسطينيين، مع الدعوات إلى فتح تحقيق دولي لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على ممارساتها غير القانونية.
ورغم أن الإدانات تتكرر من المنظمات الدولية، إلا أن غياب إجراءات رادعة جعل الاحتلال يتمادى في عدوانه، تاركاً آلاف الفلسطينيين يواجهون خطر التهجير وفقدان منازلهم وأرواحهم دون أي تحرك جاد من قبل المجتمع الدولي.