في وقت يعاني فيه عدد كبير من الأسر الفلسطينية من نقص حاد في المياه، تحصل المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية المجاورة على قدر ممكن من المياه العذبة، سواء كان ذلك للشرب أو لملء أحواض السباحة، في تواطؤ واضح بين قوات الاحتلال والمستوطنين للتضييق على الفلسطينيين -السكان الأصليين للبلاد- وحرمانهم من سبل المعيشة الأساسية.
بالقرب من جنوب تلال الخليل، هناك مستوطنة إسرائيلية تُسمي “أفيجايل”، غير مصرح بها حتى من قبل دولة الاحتلال، وبالرغم من ذلك، تتمتع بشبكة طرق حديثة وكهرباء ومياه شرب وغيرها من وسائل الحياة المتوفرة لسكانها كي يتمكنوا من الشرب بحرية ورعاية محاصيلهم الزراعية والسباحة.
مقابل هذه المستوطنة، توجد قطعة أرض صغيرة تمتلكها عائلة الحمامدي ويستخدمونها لأغراض الزراعة ورعي الأغنام. يزرعون البامية والطماطم والخيار ولديهم خلايا نحل لإنتاج العسل، بالإضافة إلى أشجار الزيتون المزروعة حديثاً بدلاً من 150 شجرة اقتلعها الإسرائيليون قبل عامين.
منتجات هذه الأرض هي مصدر دخلهم، ومع ذلك، لا تتوفر لهم المياه الكافية للري ما يهدد المحاصيل الزراعية، وبالتالي حياتهم ككل.
قبل فترة، حاولت منظمة “مقاتلون من أجل السلام” -الإسرائيلية-الفلسطينية غير الحكومية- توفير المياه للأسرة، لكن قوات الاحتلال لم تسمح لهم بذلك وتعرض موظفوها للهجوم بالقنابل الصوتية والضرب، لتضطر عائلة الحمامدي إلى إنفاق 155 دولاراً كل شهرين للحصول على المياه التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة.
وفي الوقت نفسه، فإن أي تحسينات أساسية في أراضيهم – عربة جديدة لنقل الإمدادات، أو أدوات “ظل” لحماية الأغنام من حرارة الصيف، يتم هدمها من قبل المستوطنين، الذين لا يكتفون بسرقة أراضي الفلسطينيين، بل يضيقون عليهم سبل الحياة الأساسية.
ما يحدث لعائلة الحمامدي يتكرر في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، وكما قال الصحفي جدعون ليفي في مقاله في صحيفة هآرتس الإسرائيلية الليبرالية “يصرخ الفصل العنصري هنا في السماء أكثر من أي مكان آخر”.
في مقال حديث نشره ليفي، تحدث عن الظلم المروع الذي يتعرض له الفلسطينيون على أيدي قوات الاحتلال والمستوطنين، وكانت عائلة الحمامدي نموذج لهذا الظلم.
ثلاثة فلسطينيين مسنين، أحمد الحمامدي (71 عاماً) وزوجته حليمة (67 عاماً)، وشقيقتها ظريفة (52 عاماً) وتعاني من إعاقات ذهنية، يعيشون في المنطقة (ج) في الضفة الغربية، حيث لا يُسمح للفلسطينيين ببناء أي شيء على الإطلاق، أو كأن الأرض كلها مملوكة لدولة الاحتلال الإسرائيلي أو تُستخدم لممارسة أهداف عسكرية.
كما يصف ليفي تصرفات جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد أنشطة المنظمات غير الحكومية التي توفر المياه للفلسطينيين بأنها “واحدة من أبشع تصرفات جيش الاحتلال الإسرائيلي وأكثرها إثارة للاشمئزاز”، مشيراً إلى أن قادة قوات الاحتلال المحليين يعيشون مثل “الملوك” – ويتحكمون في أكل وشرب الأسر الفلسطينية الفقيرة.