تمادي الاحتلال في جرائمه نابع من دعم الإدارة الأمريكية وبعض الدول العربية
يجب اتخاذ إجراءات عملية لمواجهة المشاريع التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية
على المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق رسمي في جريمة الاستيطان المستمرة
يحيي الفلسطينيون في الثلاثين من مارس/آذار من كل عام ذكرى يوم الأرض تعبيرا عن تمسكهم بأرضهم في كامل فلسطين وتمسكهم كذلك بهويتهم الوطنية وحقوقهم في العودة إلى أرضهم ورفضا لكافة السياسات الاستيطانية والمشاريع التي تستهدف اقتلاعهم من أرضهم.
بعد أكثر من 70 عاما من الاحتلال العسكري لفلسطين لا زالت تُمارس قوات الاحتلال كافة الجرائم التي بدأتها منذ عام 1948 بغية السيطرة على أكبر مساحة من الأرض وبناء المستوطنات وتهجير السكان الفلسطينيين.
تمر هذه الذكرى ولازال أكثر من خمسة ملايين لاجئا فلسطينيا مسجلين لدى الأونروا منتشرين في مختلف دول العالم يعانون من مختلف التهميش والإهمال ويعيش أغلبهم في ظروف قاسية لكنهم ما زالوا متمسكين بحقهم في العودة إلى وطنهم.
منذ عام 1992 وهي السنة التي تؤرخ لاتفاقيات أوسلو تضاعف الاستيطان أكثر من أربع مرات فبعد أن كان عدد المستوطنين ما يقارب 225 ألف يعيشون في 144 مستوطنه على مساحة تقدر ب 136 ألف دونم ويرتبطون بشبكة طرق التفافية تقدر ب 150 كم، أصبح عددهم اليوم أكثر من 830 ألف يعيشون في 515 مستوطنة على مساحة تقدر بنصف مليون دونم وترتبط بشبكة طرق قطعت أوصال الضفة الغربية تقدر ب 1200 كم .
أصدرت حكومة الاحتلال منذ عام 1948 مئات القوانين والقرارات التي تستهدف السيطرة على الأرض وتهجير الفلسطينيين كان أهم هذه القوانين قانون ما يسمى العودة وقانون ضم القدس وقد توجت حكومة الاحتلال هذه القوانين بقانون ما يسمى القومية الذي يعتبر فلسطين دوله لليهود.
لم تكتف حكومة الاحتلال بكل هذا الكم من مصادرة الاراضي وبناء المستوطنات فبغية جعل حياة نحو 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية مستحيلة ومن أجل دفعهم للهجرة وكتمهيد لضم أجزاء من الضفة الغربية بدأت في حزيران عام 2002 ببناء جدار فصل عنصري يمتد على نحو 770 كم مقطعا أوصال القرى والمدن وملتهما لآلاف الدونمات ليشكل فاصلا بين الضفة المحتلة عام 1967م عما احتلته عام 1948م و فاصلا للقدس عن باقي مدن الضفة وفاصلا لإحياء ومنازل في داخل حدود القدس عن القدس.
وللعام الثالث عشر عشر تفرض حكومة الاحتلال حصارا بريا وجويا وبحريا مشددا على قطاع غزة الذي يضم نحو مليوني نسمة ارتفعت بسببه نسب المرض و الفقر والبطالة بمعدلات قياسية، وخلال الحصار شنت إسرائيل ثلاث حروب طاحنة على قطاع غزة أدت إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى وتدمير ألاف المنازل والمرافق العامة والخاصة.
منذ عام 1948 أصدرت الأمم المتحدة عشرات القرارات التي تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني الغير قابله للتصرف وتنص على بطلان كافة الإجراءات التي اتخذها الاحتلال في الاراضي المحتلة 1976م كما أعدت هيئات أمميه مئات التقارير التي تعدد جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين وتدعو إلى وقفها ومحاسبة مرتكبيها.
وبفعل الدعم الأمريكي وقوى دوليه أخرى داعمة للاحتلال بقيت هذه القرارات والتقارير حبيسة الأدراج لم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى هذه اللحظة بل إن تطبيقها جاء معكوسا لصالح الاحتلال إما لجهة السماح له بالتمدد وإطلاق يده لممارسة كافة الجرائم وإما لجهة الإفلات من العقاب لمرتكبي هذه الجرائم والمسؤولين عنها.
فخصوصية ذكرى يرم الارض هذا العام تأتي من أن الادارة الأمريكية برئاسة المأزوم ترامب تنكرت للقرارات الدولية وقامت العام الماضي بنقل سفارتها إلى القدس معترفة بأنها عاصمه لإسرائيل كما أوقفت الدعم المقدم الى الأونروا وهناك مشروع قانون في الكونجرس لا يعترف إلا بوجود 40 ألف لاجئا فلسطينيا!
وما جرأ الإدارة الأمريكية على اتخاذ مثل هذه الخطوات هو تهافت عدد من الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل بشكل علني ومجاني لتحقيق أجندات خاصة بحكام هذه الدول على حساب حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة.
ورغم جلاء طبيعة الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال من استيطان وقتل وغيره من جرائم الحرب لم تقم المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق رسمي عن الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل منذ يونيو/حزيران 2014 وهو تاريخ سريان اختصاص المحكمة على الجرائم المرتكبة في فلسطينية.
إن ذكرى يوم الأرض وفِي ظل هذه الظروف العصيبة مناسبة لتظافر جهود كافة القوى المدنية والحقوقية والدولية من أجل التصدي لجرائم الاحتلال وكافة المشاريع التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وهذا يستلزم :
- اتخاذ خطوات عملية داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرار متحدون من أجل السلام لحماية حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وهويته.
- استنهاض الشعوب في المنطقة والعالم للضغط على حكوماتها لاتخاذ اجراءات في مواجهة الادارة الأمريكية لوقف تماديها في دعم الاحتلال.
- الضغط على المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق رسمي في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي المحتلة وعلى رأسها جريمة الاستيطان المستمرة.
- إنهاء الانقسام الفلسطيني على قاعدة إطلاق الحريات وحفظ منظومة حقوق الانسان وتحريم الاعتقال السياسي .
- مسيرات العودة السلمية يجب أن لا تقتصر على حدود قطاع غزة بل يجب أن تمتد إلى كافة تواجد الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات وبكافة الوسائل المختلفة.