كشفت الزيارة التي سمحت بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، للأسيرين المعاد اعتقالهما بعد فرارهما من سجن جلبوع، محمد ومحمود العارضة، عن تعرضهما لتعذيب شديد.
وروى محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين خالد محاجنة، تفاصيل زيارته للأسير محمد العارضة فجر الأربعاء، بعد أن اشترطت مخابرات الاحتلال في اللحظات الأخيرة أن يقوم كل محامي بزيارة أسير واحد فقط.
وقال محاجنة في تصريحات إعلامية، إن الأسير محمد العارضة أخبره بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتدت عليه بشكل قاسٍ لحظة اعتقاله، مشيراً إلى أنه أصيب بالرأس وفوق العين اليمنى، ولم يتلقَ العلاج حتى اللحظة، كما أنه يعاني من جروح كثيرة عند محاولته الهرب عند اعتقاله.
وأكد الأسير العارضة تواجد 20 محققاً معه في سجن الناصرة، حيث تم تجريده من ملابسه، والتحقيق معه عارياً لفترة طويلة، وبعدها نقل إلى مركز تحقيق الجلمة جنوب مدينة حيفا.
وأشار المحامي محاجنة إلى أنه منذ السبت الماضي؛ يمر الأسير العارضة برحلة تحقيق طويلة وعلى مدار الساعة، وأنه لم ينم منذ اعتقاله إلا قرابة 10 ساعات، مؤكدا أن المحققين يسعون لمساومته بتهم غير واهية مقابل اعتقال أفراد عائلته، كما أن أحد المحققين هدده بإطلاق النار عليه.
وقال إن العارضة موجود في زنزانة حجمها متران في متر، وهي مراقبة على مدار الساعة بالكاميرات والحراس، مشيرا إلى أنه لم يتناول الطعام من لحظة اعتقاله حتى يوم أمس، كما أن الاحتلال منعه من النوم والراحة والصلاة، “ويتنقل بين الزنزانة وغرفة التحقيق، ولا يخرج أبدا، ولا يعرف ما هو الوقت، ويصلي بدون أي توقيت”.
وأضاف محاجنة أن المحققين يحققون مع العارضة وهو مكبل اليدين والرجلين كل يوم، حيث قضى زيارة المحامي له مكبل القدمين واليدين، وكان خلفه قرابة ستة حراس يراقبون زيارة المحامي له.
وكشف الأسير العارضة عن أن أفراد وحدتي اليمام واليسام الإسرائيليتين اعتدوا على رفيقه زكريا زبيدي، وعند وصوله مركز تحقيق الجلمة فرقوه عنه ولا يعلم عنه شيئا، لافتا إلى أنه يتمنى في كل لحظة أن يخرج من زنزانة التحقيق.
من جهتها؛ قالت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين، إن الأسير زكريا الزبيدي، الذي أعادت سلطات الاحتلال اعتقاله، السبت الماضي، تعرض للضرب والتنكيل خلال عملية اعتقاله، وأُصيب بكسور في فكه وعظام قفصه الصدري.
وذكرت في بيان صحفي، عقب زيارة المحامي الإسرائيلي أفيغدور فيلدمان (تم تكليفه من قبل هيئة الأسرى) للزبيدي، في معتقل الجلمة الإسرائيلي، أن الزبيدي “مصاب بكسر في الفك وكسرين في الأضلاع (عظام القفص الصدري)”.
وأوضحت الهيئة نقلا عن فيلدمان، قوله إن الزبيدي تم نقله الى أحد المشافي الإسرائيلية، وتمت معالجته بالمسكنات فقط، مضيفة: “يعاني المعتقل، من كدمات وخدوش في مختلف أنحاء جسده بفعل الضرب والتنكيل”.
وبيّن الزبيدي للمحامي أنهم “وعلى مدار الأيام الأربعة التي تحرروا فيها، لم يطلبوا المساعدة من أحد، ولم يشربوا الماء طوال فترة تحررهم، وكانوا يأكلون ما يجدون من ثمار في البساتين، كالصبر والتين وغيره”.
وفي 6 أيلول/سبتمبر الجاري؛ تمكن ستة أسرى فلسطينيين من الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد الحراسة قرب بيسان شمالي فلسطين المحتلة، وذلك بعد أن حفروا نفقا داخل الزنزانة إلى خارج السجن.
وفشل جيش الاحتلال حتى الآن في اعتقال الأسيرين المحررين أيهم كممجي ومناضل انفيعات، بعد مرور أسبوع على تحررهما، إلا أنه تمكن مساء الجمعة وفجر السبت من اعتقال الأربعة الآخرين، وهم: زكريا الزبيدي، ومحمود عبدالله العارضة، ومحمد قاسم العارضة، ويعقوب القادري.
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، قد طالبت المجتمع الدولي باتخاذ تدابير عاجلة لحماية الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية وعائلات الأسرى الستة الذين تمكنوا من الهرب من سجن “جلبوع” الإسرائيلي الاثنين (06 سبتمبر/أيلول)، حيث قامت سلطات الاحتلال بفرض إجراءات مشددة تنكيلية في صورة من صور العقاب الجماعي التي تنتهجها دائما في التعامل مع الشعب الفلسطيني.
وأكدت المنظمة في بيان صدر مؤخرا، أن قيام الأسرى الستة بالفرار من قبضة الاحتلال الإسرائيلي عمل لا يجرمه القانون الدولي، إذ يحق لأسرى الحرب – وهو أمر ينطبق على وضع الأسرى الفلسطينيين – سلك أي سبيل لنيل حريتهم، خاصة إن كانت العقوبة قاسية ومشددة، بل إن بعض الدول تعتبر الهروب من الأسر واجب قومي، كما في مدونة قواعد السلوك لأفراد القوات المسلحة الأمريكية التي تنص على أنه “يجب أن يكون أسير الحرب مستعداً للهروب كلما سنحت الفرصة”.
أكدت المنظمة أن أي تعامل انتقامي مع الأسرى الستة حال العثور عليهم يعد مخالفاً للمعاهدات والمواثيق الدولية، إذ تنص المادة 91 من اتفاقية جنيف الثالثة على أن “أسرى الحرب الذين ينجحون في الهروب بمفهوم هذه المادة ويقعون في الأسر مرة أخرى لا يعرضون لأية عقوبة بسبب هروبهم السابق”.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية نحو 4650، بينهم 40 أسيرة، ونحو 200 قاصر، إضافة إلى 520 أسيرا إداريا (دون تهمة أو محاكمة)، وذلك حتى 6 سبتمبر/أيلول الجاري، وفق نادي الأسير.