في ظل استمرار التوقيف دون محاكمة وحرمان المعتقلين من أبسط حقوقهم القانونية والإنسانية؛ يدخل المعتقل السياسي خالد الجهني يومه الـ11 في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجاً على ما وصفه ذوو المعتقل بـ”المماطلة المتعمدة والتضييق الممنهج”، في ظل تجاهل مطالب إنسانية مشروعة يكفلها الدستور والقانون.
ويأتي ذلك على خلفية رفض الجهات المعنية تلبية طلبه بلقاء نواب جبهة العمل الإسلامي وجهاً لوجه، وهي خطوة كان يأمل منها إيصال رسالته ومعاناته بشكل مباشر، في ظل عزله التام.
كما يطالب الجهني بالسماح له بلقاء ابنه المعتقل عبد الرحمن الجهني، الذي يقبع أيضا رهن الاعتقال، وقد حُرم حتى من التواصل الهاتفي الأسبوعي المعتاد معه، في انتهاك صارخ لحقوق السجين في التواصل مع أسرته.
ورغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على تقديم طلب رسمي لزيارة وتواصل بين الأب والابن؛ فقد تم نقل القرار من جهاز الأمن الوقائي إلى دائرة المخابرات العامة، دون صدور رد حاسم، ما يشير إلى مماطلة بيروقراطية تضاعف من معاناة المعتقل وتزيد من توتر ذويه.
وفي سياق موازٍ، يواصل المعتقل عبد الرحمن أبو شرخ، المحتجز منذ 96 يوماً دون توجيه أي تهمة رسمية أو عرض على المحاكمة، إضرابه عن الطعام لليوم الثالث على التوالي، رفضاً لاستمرار توقيفه التعسفي.
ويُعد حرمان أي شخص من المثول أمام قاضٍ مختص خلال فترة معقولة انتهاكاً واضحاً للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي ينص على ضرورة أن “يُقدّم كل موقوف سريعاً أمام سلطة قضائية، وأن تُنظر قضيته في غضون فترة زمنية معقولة”.
ويمثل الإضراب عن الطعام أقصى أشكال الاحتجاج السلمي داخل أماكن الاحتجاز، حيث غالباً ما يلجأ إليه المعتقلون عندما تُغلق أمامهم أبواب الإنصاف القانوني، وتُستنزف جميع القنوات الرسمية، وهو ما يحمّل السلطات مسؤولية مضاعفة لضمان سلامتهم الجسدية والنفسية، والاستجابة لمطالبهم وفقاً لمقتضيات العدالة واحترام الكرامة الإنسانية.
وتطرح هذه الوقائع تساؤلات جادة حول ممارسات الاعتقال الإداري والتوقيف المطوّل دون محاكمة، وهو نهج يتعارض مع ضمانات المحاكمة العادلة، ويفتح الباب لانتهاكات ممنهجة تتجاوز الحق في الحرية الشخصية، إلى انتهاك الحق في الدفاع، والحق في عدم التعرض للتعسف أو المعاملة اللاإنسانية.
وفي ظل ذلك؛ يتوجب على السلطات الأردنية الإفراج الفوري عن المعتقلين الذين لم تُوجه لهم تهم واضحة، ووقف استخدام الاعتقال كأداة للضغط السياسي أو الأمني، والعودة إلى الالتزام بمبادئ العدالة التي تضمن الحقوق لا تقيّدها، وتصون كرامة الإنسان ولا تُجرّده منها.