مع دخول الناشطة السعودية نجوى أحمد الحميد عامها الخامس في السجن؛ تفتح قضيتها جرحاً إنسانياً وحقوقياً عميقاً في مشهد يتكرر بصور مختلفة في المملكة، حيث تتحول التغريدات والمواقف السلمية إلى جرائم يُحاسب عليها أصحابها بالسجن والتنكيل.
ففي مايو 2021، اعتقلت السلطات السعودية نجوى بعد مداهمة منزلها ومصادرة كتبها وأجهزتها الإلكترونية، ليتم إيداعها لاحقاً في سجن الطرفية. ولم يكن في سجل نجوى سوى تفاعلها مع قضايا عامة تمس مصلحة المجتمع، كتغريداتها ضمن هاشتاغ “العاطلين” أو تعبيرها عن تضامنها مع معتقلي الرأي والدفاع عن حقوق الإنسان.
لكن في السعودية؛ هذا النوع من التعبير السلمي يمكن أن يُحوّل إلى ملف أمني، إذ وجّهت النيابة العامة لها تهماً تتعلق بـ”التعامل مع جهات مشبوهة” و”متابعة حسابات معارضة” على منصة “تويتر”، وهي تهم مطاطة تُستخدم باستمرار لإسكات أصوات النساء والرجال المطالبين بالإصلاح أو حتى المنتقدين العاديين لسياسات الدولة.
وفي أكتوبر 2022، وبدلاً من الإفراج عنها أو تمكينها من محاكمة عادلة، أجبرت السلطات نجوى على الظهور عبر قناة “الإخبارية” الحكومية، في محاولة لإضفاء صورة “نموذجية” على ظروف الاحتجاز، وتلميع السجون السعودية أمام الرأي العام المحلي والدولي. هذا النوع من الظهور القسري غالباً ما يتم تحت الضغط، ولا يُعبر عن الحقيقة بقدر ما يخدم الرواية الرسمية.
وتسلط قضية نجوى الضوء على اتساع دائرة القمع الممنهج ضد الحريات الفردية في السعودية، حيث يتم تجريم التعبير الرقمي، وملاحقة النشطاء الشباب، خاصة النساء، لمجرد مشاركتهم في نقاشات مجتمعية، أو تضامنهم مع ضحايا آخرين للقمع.
إن الاستمرار في اعتقال نجوى ليس فقط انتهاكاً لحقوقها الفردية، بل هو دليل على إصرار السلطات السعودية على التعامل مع حرية الرأي كـ”خطر أمني”، بدلاً من كونها حقاً أساسياً من حقوق الإنسان. ويتنافى ذلك مع أبسط المعايير القانونية الدولية، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل حرية التعبير والتجمع السلمي.