عشر سنوات من الحرب
في الذكرى العاشرة للانتفاضة والحرب الأهلية السورية، أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا على دعمها المستمر لأي جهد يمكن أن يساهم في محاسبة النظام السوري والفصائل المسلحة المختلفة على انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الوحشية التي ارتُكبت بحق الشعب السوري على مدار العقد الماضي.
وكانت الاحتجاجات الشعبية ضد نظام بشار الأسد قد بدأت في مدينة درعا الجنوبية في الخامس عشر من مارس/آذار 2011 وانتشرت بسرعة في جميع أنحاء البلاد، وعلى الرغم من سلمية تلك الاحتجاجات، تعامل معها النظام بوحشية كبيرة لم ترحم لا الأطفال ولا النساء ولا كبار السن، وبحلول عام 2012 كانت البلاد في حالة حرب أهلية مستمرة حتى الآن.
منذ ذلك الحين قُتل ما لا يقل عن117 ألف مدني، من بينهم 22 ألف طفل، و14 ألف امرأة، و81 ألفا رجلاً، وبحسب الرصد والتوثيق فإن النظام السوري مسؤول عن مقتل أكثر من نصف هذا العدد، الذي يُضاف إليه عشرات الآلاف من المعتقلين الذين قتلوا تحت التعذيب داخل سجون النظام، كما هو موثق من مجموعة الصور المعروفة بصور “قيصر”، والتي قبلتها محكمة ألمانية مؤخرًا كدليل إدانة ضد اثنين من مسؤولين سابقين في النظام السوري.
كما تسبب الصراع في نزوح أكثر من 10 مليون شخصاً، سواء داخلياً أو خارجياً هروباً من ويلات الحرب التي دمرت البنية التحتية السورية التي استهدفها النظام بشكل مباشر، ما يجعله أسوأ أطراف الصراع على الإطلاق، حيث قام بقصف الأسواق والمستشفيات والمدارس بالبراميل المتفجرة، كما استخدام الأسلحة الكيماوية ضد السكان المدنيين في دوما في عام 2018، فضلاً عن أسلحة أخرى محرمة دولياً، ما تسبب في إصابة أكثر من مليوني سوري بإصابات بالغة بعضها عاهات مستديمة.
إن تصاعد الانتهاكات ضد المدنيين في سوريا يعود في الأساس إلى الموقف السلبي للمجتمع الدولي الذي وقف متفرجاً في معظم الأوقات، واكتفى فقط ببعض البيانات المنددة بالانتهاكات نظرياً، مع عدم اتخاذ خطوات جدية للوصول إلى حل نهائي لهذا الصراع متعدد الأطراف، بل دخلت مباحثات “جنيف 2” التي تتوسط فيها الأمم المتحدة عامها التاسع الآن، دون إحراز أي تقدم يُذكر.
لم يكن النظام السوري القوة الوحيدة لارتكاب مثل هذه الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، فالعديد من الميليشيات والفصائل المسلحة تبقى طرفاً مسؤولاً عن الخسائر التي تكبدها المدنيين، وعلى رأسهم تنظيم “داعش” الذي نشط في سوريا منذ 2014 وحتى 2019.
ومع ذلك، يظل النظام هو أسوأ الجناة على الإطلاق، فجرائمه مستمرة، ومحاولته للنيل من المعارضين متجددة ولا تتوقف، حيث قام مؤخراً بسن قوانين وتشريعات تسمح بمصادرة أملاك السوريين الذين اختاروا عدم حمل السلاح ضد الانتفاضة، بمعنى أوضح، حوالي أكثر من 5 ملايين نازح داخلي، و5.5 مليون لاجئ فروا من البلاد، ستصبح أملاكهم وأصولهم في يد النظام دون فرصة للاستئناف.
وكانت المنظمة قد طالبت مراراً بضرورة تدخل المجتمع الدولي والجهات الأممية ذات الصلة واتخاذ إجراءات فاعلة تضع حداً لجرائم النظام السوري وتمكن ضحايا الحرب من المدنيين من الانتصاف القانوني من الجناة المسؤولين عن هذه الفظاعات.
كما طالبت المنظمة بوقف أي تعاون مع النظام السوري وفرض عقوبات عالمية عليه حتى يتراجع عن انتهاكاته ويتأكد الجناة أنهم لن يتمكنوا من الإفلات من العقاب وأن العدالة قادمة لا محالة.