تحولت مدينة الفاشر شمال السودان خلال أسابيع إلى مسرح للقتل الجماعي والنزوح القسري، مع انقطاع شبه كامل للمساعدات الإنسانية وغياب أي حماية للمدنيين.
وفيما تتصاعد التحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة؛ تصف الأمم المتحدة الوضع في السودان بأنه “مروع”، في إشارة إلى عمق الانهيار الذي يهدد حياة الملايين ويكشف فشل الجهود الدولية في وقف الحرب أو التخفيف من تداعياتها.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن الصراع في السودان لا يزال مستعرًا، لافتا إلى أن “العاملين في المجال الإنساني أفادوا بتواصل الهجمات على المدنيين في شمال دارفور”.
وأضاف أن “الوصول الإنساني إلى الفاشر انقطع بالكامل”، وأن “المدنيين اليائسين يفرّون باتجاه البلدات المجاورة بحثًا عن الأمان”.
ووفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة، فقد نزح ما لا يقل عن 62 ألف شخص من المدينة، وسط تقارير عن “اختطاف وابتزاز المدنيين أثناء تنقلهم”، بحسب ما أعلنه المسؤول الأممي.
ودعا دوجاريك إلى “تأمين ممرات آمنة للنازحين، وضمان حماية من بقوا في المدينة، وتوفير وصول إنساني كامل وغير مقيد إلى دارفور والمناطق الأخرى المحتاجة”، مؤكدًا أن الصور الواردة من الفاشر “مرعبة”، وأن الأولوية الآن هي “تقديم المساعدات في أسرع وقت ممكن لدعم الناجين”.
وفي السياق ذاته؛ أعلنت “شبكة أطباء السودان” الأهلية المستقلة، وصول أكثر من 640 نازحًا من مدينة الفاشر إلى منطقة الدبة في الولاية الشمالية خلال الساعات الماضية، محذّرة من “تفاقم الكارثة الإنسانية” نتيجة المجازر التي ترتكبها قوات “الدعم السريع” بالمدينة.
وذكرت الشبكة أن النازحين يعيشون أوضاعًا قاسية بعد رحلة محفوفة بالمخاطر، في ظل انعدام المأوى ونقص الغذاء والمياه والخدمات الصحية، لا سيما بين الأطفال والنساء وكبار السن.
ويكشف هذا النزوح المتسارع عن تدهور شامل في الوضع الإنساني داخل السودان، حيث تتراجع قدرة المجتمعات المحلية على الاستجابة وتقديم الدعم للنازحين الجدد. فغياب المساعدات العاجلة وتدهور البنية الصحية في المناطق المستقبلة ينذران بانهيار تام للمنظومة الإنسانية، ما لم يُتخذ تحرك سريع لتأمين الإغاثة العاجلة.
وتأتي هذه التطورات بعد استيلاء قوات “الدعم السريع” على مدينة الفاشر في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما رافق ذلك من ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
ويخوض السودان منذ أبريل/نيسان 2023 حربًا مدمّرة بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، تسببت في مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 13 مليون شخص، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا.
وفي ظل هذا المشهد؛ يتعمّق القلق من أن تتحول دارفور إلى منطقة منكوبة مغلقة أمام الإغاثة، حيث يُحرم ملايين المدنيين من الحق في الحياة الآمنة، والغذاء والعلاج والحماية، في ظل غياب تام للردع والمساءلة، وصمت دولي لم ينجح بعد في وقف النزيف الإنساني المستمر منذ أكثر من عام ونصف.



























