كشف انسحاب جيش الاحتلال بشكل كامل من داخل مجمع الشفاء الطبي والمناطق المحيطة به غربي مدينة غزة، فجر الإثنين، عن مجازر مروعة ودمار هائل في المستشفى ومحيطه، بعد أسبوعين من اقتحامه.
وغيرت عملية الاقتحام الأكبر والأوسع ضد مدينة غزة، منذ بدء حرب الاحتلال في 7 أكتوبر 2023، معالم مشفى الشفاء، الذي كان يعد أكبر مشفى في القطاع. واكتست واجهات مباني المستشفى باللون الأسود بسبب القصف والتدمير الممنهج وعمليات الحرق التي نفذتها قوات الاحتلال.
ودمّر جيش الاحتلال خلال العملية العسكرية طوابق بشكل كامل في مبنى الجراحات التخصصية، كما أحرق بقية المبنى، فيما أحرق مبنى الاستقبال والطوارئ الرئيسي، ودمر عشرات من غرفه وجميع الأجهزة الطبية فيه.
وقام جيش الاحتلال بإحراق مباني الكلى والولادة وثلاجات دفن الموتى والسرطان والحروق، ودمر مبنى العيادات الخارجية.
وتناثر حطام مستشفى الشفاء في الساحات، فيما وُجدت الكثير من جثث الشهداء في باحاته وفي الطرقات المحيطة به، ولم يكن أحد يستطيع الوصول إليها بسبب الاستهداف الإسرائيلي خلال عملية الاجتياح.
وبذلك خرج المشفى رسميا عن الخدمة، بسبب شدة القصف الذي دمر المباني والأجهزة. ومن شأن ذلك أن يزيد من حجم مأساة سكان مدينة غزة، الذين لم يعد لهم مشفى يلجأون إليه للحصول على الخدمة الطبية، بعد تدمير مشفى القدس التابع للهلال الأحمر في الأسابيع الأولى للحرب، وإجبار طواقمه ومرضاه وقتها على النزوح القسري إلى مناطق وسط وجنوب قطاع غزة.
وعقب الانسحاب؛ عُثر على العديد من جثث القتلى التي تحللت جراء بقائها دون دفن، حيث انتشل الأهالي جثامين 50 قتيلاً في الساعات الأولى بعد الانسحاب.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، الرائد محمود بصل، إن هناك نحو 300 قتيل في مجمع الشفاء ومحيطه بعد انسحاب قوات الاحتلال.
وكانت قوات جيش الاحتلال فرضت حصارا محكما على المشفى، وأجبرت الطواقم الطبية والمرضى على البقاء في أحد المباني الإدارية، دون إيصال الطعام والدواء إليهم.
وطول فترة الاجتياح والحصار؛ كان يتواجد في المشفى 107 مرضى، معظمهم من الحالات الصعبة التي كانت في وحدة العناية المركزة، و60 من الطاقم الطبي.
وحسب شهود من المكان؛ فإن من بين الشهداء من وُجدوا مكبلي الأيدي، بما يؤكد أنهم تعرضوا بعد اعتقالهم لعمليات إعدام ميداني.
ووفق الشهادات؛ فقد أقدمت قوات الاحتلال على إعدام عدد من مرافقي المرضى، فيما جرى اعتقال عدد منهم، وإجبار آخرين على النزوح القسري إلى مناطق وسط وجنوب غزة.
وهناك توقعات بأن يرتفع عدد القتلى كثيرا، في ظل وجود الكثير من الجثث تحت ركام المباني التي دُمرت في محيط مجمع الشفاء.
وتحولت المنطقة إلى ما أشبه بمدينة أشباح، بسبب حجم الدمار الذي فاق كل عمليات القصف والاجتياح السابقة للمنطقة.
وعلاوة على الاستهداف الذي طال المباني، تعرضت البنى التحتية، خاصة إمدادات المياه، إلى التدمير، ما يحول دون قدرة سكان المنطقة على العودة والسكن فيها مجددا.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قد أعلن قبل انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي بيوم واحد، أن الجيش قتل أكثر من 400 فلسطيني، ودمر وحرق 1050 منزلا في محيط مجمع الشفاء الطبي.
وهذه المرة الثانية التي تقتحم فيها قوات الاحتلال مجمع الشفاء الطبي منذ بداية الحرب على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث اقتحمته للمرة الأولى في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد أن حاصرته لمدة أسبوع على الأقل.
وحينها انسحبت قوات الاحتلال من المستشفى في 24 نوفمبر، بعد تدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه وأجهزة ومعدات طبية إضافة لمولد الكهرباء بالمستشفى.
وتستلزم عملية الاقتحام الجديدة لمجمع الشفاء الطبي، تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لضمان حماية حقوق المرضى، وتوفير الرعاية الطبية الضرورية لهم، ومساءلة الاحتلال الإسرائيلي عن انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولية الإنساني، الذي ينص على حماية المنشآت الطبية والعاملين فيها خلال النزاعات.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي؛ يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت أوضاعا إنسانية هائلة، وتسببت بكارثة صحية وبيئية كبيرة، جراء تدمير المرافق الحيوية وطفح الصرف الصحي لمناطق واسعة.
ومع بداية الحرب؛ قطع الاحتلال عن سكان القطاع كافة إمدادات الكهرباء والماء والوقود والغذاء، وقصف المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز والمصانع والمتاجر ومحطات وخزانات المياه، ودمر البنية التحتية.