في حادثة جديدة تُضاف إلى سجل الانتهاكات المتواصلة ضد القانون الدولي والإنساني؛ هاجمت بحرية الاحتلال الإسرائيلي فجر الأربعاء سفن “أسطول الحرية” أثناء إبحارها في المياه الدولية على بُعد نحو 120 ميلاً بحرياً (220 كيلومتراً) من قطاع غزة، في وقت كانت السفن متجهة فيه نحو القطاع المحاصر ضمن مبادرة إنسانية تهدف إلى كسر الحصار وإيصال المساعدات إلى سكان غزة.
وأفادت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة بأن قوات الاحتلال نفذت الهجوم عند الساعة الرابعة والنصف فجراً، مستهدفة ثلاث سفن تحمل أسماء: غزة صن بيردز، آلاء النجار، وأنس الشريف، حيث جرى اعتراضها واحتجاز من على متنها بطريقة غير قانونية.
وأظهرت تسجيلات مصوّرة محاولة أحد جنود بحرية الاحتلال تدمير كاميرا توثيق أثناء عملية السيطرة على إحدى السفن، في محاولة واضحة لإخفاء الأدلة على استخدام القوة في المياه الدولية.
واختطفت قوات الاحتلال جميع النشطاء المشاركين في الأسطول، والذين ينتمون إلى أكثر من 22 دولة، بينهم أطباء وحقوقيون ومتطوعون، بعد أن شنت هجوما باستخدام قوارب حربية ومروحيات هجومية، في مشهد يعيد إلى الأذهان حادثة القرصنة الدموية ضد أسطول الحرية عام 2010.
ولاحقاً، أعلنت وزارة خارجية الاحتلال أنه تم نقل ركاب الأسطول إلى أحد الموانئ الإسرائيلية تمهيدًا لترحيلهم القسري.
ويُعدّ هذا الهجوم انتهاكًا صارخًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، التي تحظر على أي دولة ممارسة أعمال عدائية أو اعتراض سفن مدنية في المياه الدولية. كما يُصنَّف احتجاز النشطاء والمتطوعين المدنيين نوعًا من الاختطاف القسري، وجريمةً تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما الأساسي.
ويأتي هذا الهجوم في سياق أوسع من الانتهاكات الجسيمة التي يمارسها الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين، في ظل استمرار الإبادة الجماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والتي أودت بحياة أكثر من 67 ألف قتيل وأدت إلى إصابة نحو 170 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، فضلًا عن تدمير شامل للبنية التحتية المدنية ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
ومن منظور قانوني؛ يُعتبر الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من 17 عامًا عقوبة جماعية محظورة بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص صراحةً على حظر معاقبة المدنيين على أفعال لم يرتكبوها. كما يُجرَّم منع وصول المساعدات الإنسانية في مناطق النزاع باعتباره استخدامًا للتجويع كسلاح حرب، وهو ما يدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية.
إن ما جرى فجر اليوم ليس مجرد حادث بحري، بل عمل عدواني منظّم يستهدف تجريم التضامن الإنساني نفسه، ويعكس استمرار الاحتلال في التعامل مع القانون الدولي كأداة انتقائية، بينما يكتفي المجتمع الدولي بالمشاهدة الصامتة.