في سياق متواصل من القمع الأمني وتقييد الحريات، تواصل السلطات المصرية انتهاج سياسة الإخفاء القسري كوسيلة لإسكات المعارضين وتغييب المواطنين قسراً دون سند قانوني.
وفي خطوة جديدة تعكس هذا النهج؛ ظهر 55 مصرياً دفعة واحدة أمام نيابة أمن الدولة العليا، بعد فترات طويلة من الاختفاء غير المعلن، ليصدر قرار بحبسهم 15 يوماً على ذمة التحقيق في قضايا ذات طابع سياسي.
وقد اقتيد المعتقلون من منازلهم أو أماكن عملهم دون إبراز إذن قضائي أو إخطار ذويهم، مما دفع أسرهم إلى تقديم بلاغات متكررة تطالب بالكشف عن مصيرهم، دون أن يتلقوا أي رد رسمي طوال مدة الإخفاء، التي تراوحت بين أسابيع وأشهر.
وتم عرض المعتقلين فجأة أمام النيابة من دون الإشارة إلى أماكن احتجازهم أو ظروف احتجازهم خلال فترة الاختفاء.
ووجهت إليهم النيابة العامة حزمة من الاتهامات النمطية، من بينها الانضمام إلى جماعة إرهابية، وبث ونشر أخبار كاذبة، والتحريض على العنف عبر الإنترنت، وتلقي تمويلات تهدد الأمن والاستقرار، دون إعلان تفاصيل دقيقة بشأن الوقائع المنسوبة لكل فرد، أو تمكين المحامين من الاطلاع الكافي على ملفات القضايا أو تقديم دفوع فعلية.
وضمّت قائمة المعتقلين كلاً من: إبراهيم عاطف محمد، إبراهيم عيد عبد الصبور، أحمد عبد المنعم شعبان، أحمد جمال إبراهيم، أحمد زاهر البدري، أحمد عمر ناجي، أحمد محمد عبد الرحيم، أحمد محمد حسن، أحمد هشام محمد، أسامة مصطفى محمد، إسلام خليفة محمد، أمجد محمد غراب، أيمن عبد القادر أحمد، إيهاب إبراهيم مصطفى، جمال عبد الله أحمد، زياد أحمد الحمراوي، زياد المتولي عبد العلي، سامح سمير عبد العاطي، شادي ياسر هندية، صالح محمد عبد الله، طارق الصاوي عبد الوهاب، طارق سيد سعد الدين، عامر محمد عامر، عبد الرحمن سعد مصطفى، عبد الرحمن صلاح أمين، عزت محمد عمايم، علاء الدين أحمد محمد، علي محمد فتحي، علي سيد راضي، عماد محمود هاشم، مجدي فتحي عبد الله، محمد مجدي فتحي، محمد أحمد إبراهيم، محمد أحمد نور الدين، محمد حامد المتولي، محمد ربيع أحمد، محمد سعيد رجب، محمد علي عمر، محمد عمر أحمد، محمد فتح الله أحمد، محمد مجدي خميس، محمد مجدي حسن، محمد السيد طه، محمد محمود صلاح، محمد مصطفى عبد العزيز، محمد هشام بركات، محمد يوسف جاد، محمود بركات قرني، محمود شعبان حسن، محيي الدين فتحي عبد الحليم، مصطفى مجدي محمد، نصر فتحي السيد، وجدي السيد محمد، يوسف فتح الله رمضان، يوسف محمد حمدي.
وتكشف هذه الواقعة عن تحوّل الحبس الاحتياطي إلى أداة عقابية بحد ذاته، بالترافق مع غياب الشفافية وحرمان المتهمين من حقوقهم القانونية، مما يقوّض أساس العدالة ويجعل من سيادة القانون شعاراً بلا مضمون.
إن الإخفاء القسري جريمة لا تسقط بالتقادم، وتكرارها بهذا الشكل المنهجي يُعدّ انتهاكاً خطيراً للدستور المصري والمواثيق الدولية، وتهديداً مباشراً لمكانة العدالة في الدولة.