لليوم الرابع على التوالي يتصل ليل غزة بنهارها جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي المكثف الذي يستهدف المدنيين دون إنذار أو تحذير، والذي أودى بحياة 770 مدنيا -على الأقل- منهم 140 طفلا و105 امرأة، كما أدى إلى إصابة 3726 شخصا جميعهم مهددون بسبب نقص الإمدادات الطبية وانعدام الوقود.
قوات الاحتلال الإسرائيلية وقادتها يصرحون طوال الوقت بتصريحات مفادها عدم أحقية الفلسطينيين في الحياة، وهو أحد مكونات فكرهم القتالي الثابت منذ عقود، إذ قال إسحاق رابين عام 1992 ” أتمنى أن أستيقظ يوما فأجد البحر قد ابتلع غزة” وصرح وزير الدفاع الحالي بأنه لا يعتبر سكان غزة آدميين يتساوون معه في الحقوق والحريات ومع ذلك لم يتحرك المجتمع الدولي ولا العربي لكف إسرائيل عن هذه العنجهية التي تتجلى في هجماتها المميتة والمتكررة.
بل على العكس؛بينما لم يتمكن المجتمع الدولي أن ينفذ أيا من قرارات مجلس الأمن ولا مادة من مواد القانون الدولي فيما يخص العقوبات المفروضة على الاحتلال الإسرائيلي ولا الحقوق الواجبة النفاذ للشعب الفلسطيني، تمكنت العديد من القوى الدولية في توفير الغطاء الإعلامي والدبلوماسي لجرائم الاحتلال تحت ذريعة الدفاع عن النفس، كما ظل يشاركه حتى الساعة بالإمدادات العسكرية والمادية.
على الصعيد الإسلامي والعربي، يأتي العدوان على غزة في ظل التسارع نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بصورة غير مسبوقة، وبينما اكتفت بعض الدول ببيانات هزيلة دون أن تسعى لإنقاذ المدنيين ، سارعت دول عربية وإسلامية أخرى في إدانة واستنكار ما يقوم به الشعب الفلسطيني من مقاومة مشروعة تكفلها القوانين الدولية والمحلية والضمائر الإنسانية الحية، في صورة تعكس تراجع المفاهيم الإنسانية لدى تلك الحكومات وتقدم المصالح الجيوسياسية على أي مبادئ.
الواقع المخزي لكافة معاني الإنسانية في غزة وردود فعل العالم معها، لن يزيد الأوضاع إلا سوءا ولن يزيد المظلومين في غزة وغيرها من البقاع التي عم فيها الظلم حول العالم، سوى حنقا على المجتمع الدولي، وعنفا لن يستثني أحدا من عواقبه، لذا نجد من الضروري التشديد على ضرورة السعي نحو تحقيق العدالة لشعب غزة وكف بطش الاحتلال بهم، وإمدادهم بكافة ما يحتاجون من وقود وكهرباء وماء ودواء وطعام.
وبينما ترى المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن تصريح الأمين العام للأمم المتحدة – حول رفضه فرض حصار كامل على غزة واستخدام المدنيين كرهائن – هو أمر إيجابي، فإنها تؤكد أن تسجيل المواقف الدولية لن ينقذ الأطفال من القصف، كما لن يمدهم بالغذاء ولا الدواء، لذا نطالب الجهات الدولية بتفعيل كافة الأدوات التي توقف بطش الاحتلال الإسرائيلي وتردع الاحتلال عن استخدام الأسلحة المحظورة دوليا، وتشدد المنظمة على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة فورية لردع الاحتلال عن الاستمرار في هذا العقاب الجماعي الذي يفرضه على كافة سكان غزة.
ومما تجدر الإشارة إليه قيام قوات الاحتلال اليوم باستخدام الفسفور الأحمر المحرم دوليا في قصفها على منطقة الكرامة مما يهدد السكان بإصابات وإعاقات بالغة كما يهدد البيئة في غزة بتلوث طويل الأمد، مما يدل أن قوات الاحتلال ترتكب جرائم إبادة جماعية لكافة سكان القطاع، وهي جريمة حرب تستوجب التدخل الفوري لوقف الهجوم على غزة ومعاقبة قادة وجنود الاحتلال المسؤولين عن تلك الجريمة وردع الاحتلال من تكرارها مرة أخرى.
وتستنكر المنظمة التباطؤ العالمي في إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، الأمر الذي يبدو كأنه انصياع للتهديدات التي يطلقها الاحتلال وكأنه صار المتحكم الوحيد في مجريات الأمور، وتشدد المنظمة على ضرورة استنفار الكيانات الطبية العالمية ومرافقتها بالحماية الدولية اللازمة وطواقم الإسعاف والدفاع المدني.